فادي السمردلي يكتب: ديمقراطية مزيفة وقرارات تُفْرَضُ على نهج جوزك وإن راد الله

59 ثانية ago
فادي السمردلي يكتب: ديمقراطية مزيفة وقرارات تُفْرَضُ على نهج جوزك وإن راد الله

بقلم فادي زواد السمردلي

في بلاد السندباد وفي بعض المنظومات ، لم تعد الديمقراطية سوى قشرة زائفة، واجهة براقة تُخفي تحتها عقلية تسلطية لا تختلف كثيرًا عن عقلية أولئك الذين يفرضون زواج القاصرات قهرًا تحت شعار “جوزك وإن راد الله” نعم، هذا المنطق الكارثي الذي ساد في البيوت والمجتمعات في تلك البلاد العجيبة وجد طريقه إلى قاعات الاجتماعات ومكاتب صنع القرار، حيث باتت القرارات تُفرض على الأعضاء والموظفين بنفس الطريقة “القرار صدر، شئت أم أبيت، قبلت أم رفضت” لم يعد المطلوب إبداء الرأي، بل تزيين القرار المعلب بشكليات تصويت لا تقدم ولا تؤخر، وباجتماعات لا يُراد منها إلا تسجيل الحضور وضمان الخنوع.

في هذه البيئات في بلاد السندباد، يتم إيهام الاعضاء بأنهم جزء من منظومة تشاركية، بينما الحقيقة أنهم مجرد “محللين” لمسرحية مكتوبة بإحكام فالقرار لا ينبع من مشاورات حقيقية، بل من غرفة ضيقة حيث يجتمع نفر محدود – وأحيانًا شخص واحد – ليقرر مصير الجميع ثم تبدأ عملية التجميل المؤسسي يُرسل محضر الاجتماع، تُصاغ المبررات، وتُروى كذبة “اتفقنا بالإجماع” والحقيقة أن ما حدث ليس اتفاقًا ولا إجماعًا، بل فرض صريح تحت تهديد ضمني أو صريح “اعترض، وسنقصيك”، “ناقش، وسنشكك بولائك”، “ارفض، وسنُسقطك من الحسابات”.

ما أشبه هذه المنظومات بالزواج القسري، حيث تُنتزع الإرادة وتُختزل الخيارات، ويتم تسويق القمع كقدر مقدر “القرار جوزك، وإن راد الله” ليست مجرد عبارة بل ممارسة ممنهجة تُطبّق على أرض الواقع في مؤسسات تدّعي التقدم وهي لا تزال تدور في فلك الفرد الواحد، الرأي الواحد، والمزاج الواحد وهذا النوع من القيادة لا يصنع فرقاً، ولا يبني مؤسسات، بل يهدم الثقة، ويقتل الانتماء، ويُفرغ العمل الجماعي من روحه.

الخطير في الأمر أن هذه الثقافة السندبادية تبدأ في الصمت، وتترسخ بالتكرار، وتصبح مع الوقت “عرفاً تنظيمياً” لا يُسائل أحد، ولا يُناقش أحد فساده وباسم “الانضباط” تُجبر العقول على الصمت، وتُكسر الإرادات تحت ضغط الهيبة الإدارية الزائفة والنتيجة؟ قرارات عشوائية، مشاريع متخبطة، وفجوة متنامية بين القاعدة والقيادة.

إن احترام الرأي الآخر، واحتضان النقد، وإعطاء النقاش حقه، ليست ترفاً إدارياً، بل جوهر أي منظومة محترمة أما من يدير مؤسسته بمبدأ “القرار زوجكم وإن راد الله”، فهو لا يستحق أن يكون في موقع قيادة، لانه يحول المؤسسة إلى قوقعة خاوية، تردد فيها أصداء الطاعة لا أصوات العقل.