وطنا اليوم/ كتب جمال محمد درس
مهنة المحاماة تمر بمرحلة حرجة، لم تعد كما كانت في سابق عهدها، حين كانت تُمارس بشرف وتُحترم كرسالة سامية لا كمهنة تجارية. اليوم، تتراكم السلبيات وتتشابك التحديات، حتى بات كثير من المحامين يشعرون أن المهنة تتآكل من الداخل، وأن النقابة التي وُجدت لحمايتهم أصبحت عبئًا عليهم لا سندًا لهم.
المجالس النقابية المتعاقبة لم تكن على قدر المسؤولية، بل ساهمت في تعميق الأزمة. غابت عنها الرؤية، وتاهت في صراعات داخلية، وانشغلت بالمظاهر التنظيمية على حساب جوهر المهنة. لم تعد تدافع عن المحامي في ساحات العدالة، ولم تقف موقفًا حازمًا أمام التشريعات المجحفة التي حوّلت المحاماة إلى نشاط تجاري يخضع للضرائب والفواتير الإلكترونية، وكأن المحامي يبيع سلعة لا يدافع عن حق.
المجلس الحالي لا يُنظر إليه كفرصة جديدة، بل كاختبار أخير. إما أن يُعيد للمهنة هيبتها، أو يُسهم في دفن ما تبقى من كرامتها. المحامون ينتظرون من يمثلهم بحق، من يسمع صوتهم، من يواجه السلطة حين تُعتدى على حقوقهم، لا من يهادن ويبرر ويصمت. الإصلاح لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية. فإما أن تنهض النقابة بدورها الحقيقي، أو تترك الساحة لمن يؤمن أن المحاماة ليست وظيفة، بل شرف ومسؤولية.
المهنة لا تموت، لكنها تذبل حين يُدار شأنها بمنطق المصالح الضيقة. والمجلس الحالي إما أن يكون بداية جديدة، أو نهاية حزينة لرسالة كانت يومًا صوت العدالة في وجه الظلم.