بقلم: عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
لم يعد المواطن الأردني يحتمل مزيدًا من القرارات الحكومية التي لا تنعكس إلا بزيادة الأعباء على كاهله، وآخرها قرار فرض الرسوم على الطرق الخارجية. قرار مجحف بحق الأردنيين، وكأن الحكومة اختزلت كل أدواتها الاقتصادية في الجباية، ونسيت أن دورها الأساس هو خدمة المواطن لا إثقاله.
لقد اعتاد الناس أن يسمعوا عن تعيينات لأبناء أصحاب النفوذ، بينما غالبية الشعب ترزح تحت وطأة البطالة والفقر. الرواتب على حالها منذ سنوات، والأسعار في ارتفاع مستمر، والمواطن بات عاجزًا عن شراء أساسيات يومه، حتى أن البعض يشتكي من عدم قدرته على شراء “باكيت دخان”. فهل يُعقل أن تتحول الدولة إلى مجرد “دولة جباية”؟
أي منطق هذا؟!
ألم يكفِ المواطن ما يدفعه من أثمان الكهرباء والمياه والمحروقات، وما يواجهه من ضرائب ورسوم لا تُعد ولا تُحصى؟ ألم تكفه مخالفات السير والنقاط السرية المزروعة على الطرقات، وغلاء بطاقات الخلوي التي ترتفع أسعارها باستمرار دون رقيب أو حسيب، إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي طال كل سلعة يحتاجها ليعيش؟
المواطن اليوم مسحوق تحت ثقل الفقر والبطالة والديون. راتبه لا يكفي أسبوعًا، سيارته محجوزة للبنك، فواتيره متراكمة، ورغيف الخبز بات عبئًا. ومع ذلك، تصرّ الحكومة على إذلاله بقراراتها الجائرة، بدلًا من أن تبحث عن حلول حقيقية تعالج أزماته وتعيد له كرامته.
إلى متى هذا الاستهتار بكرامة الناس؟!
هل المطلوب أن يدفع المواطن ثمن الشمس والهواء أيضًا؟ هل المطلوب أن يعود الأردني إلى ركوب الحمير والبغال، وأن يسكن الخيام في العراء، لأن الحياة الكريمة باتت حلمًا بعيد المنال في وطنه؟
يا حكومة… كفى عبثًا.
المواطن ليس حقل تجارب لقراراتكم الفاشلة، وليس عبدًا في خدمة جبايتكم. المواطن هو عمود الوطن وأساس استقراره، وإذا انهار المواطن انهارت الدولة.
إن الاستمرار في هذا النهج لن يؤدي إلا إلى انفجار اجتماعي لا تُحمد عقباه. فالمواطن اليوم أشبه بقنبلة موقوتة، وقد بلغ به القهر والحرمان حدًا لا يُطاق.
عيب… والله عيب.
أن يصل الحال بالناس إلى أن يشعروا أن وطنهم يطردهم قسرًا، وأنهم غرباء فيه، وأن لا كرامة لهم في أرضهم.
الأردن وطن الإنسان، لا وطن الجباية.
الأردن وطن العزة والكرامة، لا وطن الإذلال والفقر.
والحكومة التي تعبث بكرامة مواطنيها، وتحوّل حياتهم إلى جحيم، عليها أن تُدرك أن للصبر حدودًا، وأن الشعب الأردني إذا قال كلمته فلن يوقفه احد