بقلم الدكتورة ليلى الهمامي
كثيرًا ما تُرفَع شعارات مناهضة الاستبداد من قبل أطراف معارضة، لكنّ المأساة تبدأ حين يمارس هؤلاء أنفسهم أشدّ أشكال الاستبداد عند أول اختلاف في الرأي. فالمعارضة التي ترفض الآخر، وتخوّنه، وتشيطنه، وتستخدم أدوات الترهيب والتشويه لإسكات صوته، ليست معارضة ديمقراطية بل استبدادًا مقنّعًا.
الديمقراطية لا تكتمل بدون معارضة حقيقية، لكن “الحقيقية” هنا تعني معارضة تؤمن بتعدد الآراء، وتقبل الاختلاف، وتدافع عن حرية التعبير، وتطرح بدائل بنّاءة لتحسين الأداء السياسي والاجتماعي. أما المعارضة التي تنفي حق الاختلاف، وتتعامل مع المخالف بوصفه عدوًا، فهي لا تقل خطرًا عن النظام الذي تدّعي مقاومته، بل قد تكون أكثر تهديدًا للمجتمع والتعددية والدولة.
إن معارضة بلا ديمقراطية داخلية، وبلا احترام للاختلاف، هي معارضة نزوية، لا تبني وطنًا ولا تحرر شعبًا، بل تحلّ محل المستبد لتعيد إنتاج الاستبداد بثوب آخر