وطنا اليوم:نشرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية قصصا لعائلات فلسطينية أبيد بعضها، في حين فقد بعضها الآخر العديد من الأفراد منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن أكثر من 1800 عائلة على الأقل فقدت عددا من أفرادها، وفق السلطات في غزة، بل إن بعضها أُبيدت بالكامل وأسماؤها أُزيلت من السجل المدني الحكومي.
وأوضحت صنداي تايمز أن 3 أجيال من الأسرة الواحدة استشهدوا في غضون أيام، وأن عائلات بأكملها تموت جراء الحرب الدائرة في غزة.
وذكرت في تقريرها أنها قامت بجمع ومراجعة التفاصيل الخاصة بأكثر من 150 عائلة فقدت العديد من أفرادها في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع منظمة “إير وورز” البريطانية غير الحكومية.
وتقوم هذه المنظمة بمراقبة وتقييم الأضرار المدنية الناجمة عن العمليات العسكرية الجوية، وإحصاء الضحايا المدنيين في الصراعات حول العالم.
وطبقا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، تجاوز عدد الشهداء في القطاع 32 ألفا الأسبوع الماضي، من بينهم أكثر من 13 ألف طفل و9 آلاف امرأة، واعتُبر 8 آلاف آخرين في عداد المفقودين.
وتعرفت منظمة “أير وورز” على هويات 1391 شخصا ينتمون إلى 161 عائلة فقدت أكثر من اثنين من أفرادها. وقامت بذلك من خلال تتبع سجلات الوفيات المتعلقة بكل حالة وفاة، والمصادر المفتوحة مثل شهادات الشهود في التقارير الإخبارية وإعلانات النعي التي ينشرها الأقارب على مواقع التواصل الاجتماعي.
عائلة الريس
ومن بين تلك العائلات “آل الريس”، حيث أوردت الصحيفة قصة أحد أبنائها ويدعى ميسرة الريس، الذي كان قد بلغ الـ30 من العمر عندما أكمل دراسته في الطب بكلية كينغز كوليدج الجامعية في لندن، مستفيدا من منحة “تشيفنينغ” التي تقدمها وزارة الخارجية البريطانية بتمويل كامل للطلاب الدوليين المتميزين للحصول على درجة الماجستير في أي جامعة من جامعات المملكة المتحدة.
ولما عاد ميسرة الريس الصيف الماضي إلى غزة للعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، تزوج من زميلته لورا حايك.
وظهر ميسرة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي وهو يلتقط صورة شخصية (سيلفي) مع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي على شرف اجتماع مع دارسين آخرين دُعوا إليه لمناقشة طموحات الشباب الفلسطيني والتحديات التي تواجههم.
وبعد شهرين من تلك المناسبة استُشهد ميسرة وعائلته بأكملها. وآل الريس واحدة من العائلات التي مُحيت من الوجود عن بكرة أبيها.
ووفقا لصنداي تايمز، فإن 3 أجيال من عائلة الريس كانت تقطن في شقة في إحدى البنايات السكنية بشارع الصناعة الهادئ بمدينة غزة.
وفي ليلة الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وعندما كان ميسرة ووالداه وأخواته وأبناء وبنات إخوته يغطون في نوم عميق، ضرب صاروخان المبنى. وكان أخوه مؤيد يشاهد من مبنى مجاور انهيار البناية المكونة من 7 طوابق حيث تعيش عائلته.
ولقي 11 فردا من عائلة الريس حتفهم، من بينهم ميسرة نفسه ووالده ووالدته، وشقيقتاه عريب وعزّة وأبناؤها الصغار الثلاثة. ويعتقد أن زوجته نجت.
وبينما كان مؤيد ومحمد، شقيقا ميسرة، وابن عمهم فارس ينبشون لساعات الأنقاض بحثا عن عائلتهم، سقط صاروخ ثانٍ وقتلهم جميعا.
وقال برنامج منحة تشيفنينغ إنه “فُجِع” عندما علم باستشهاد ميسرة الريس، وقدم تعازيه لمن تبقى من أسرته على قيد الحياة.
ولم تكن أسرة الريس وحدها التي نُكبت. وبحسب الصحيفة البريطانية، فقد اعتادت بعض العائلات على النوم معا تحت سقف واحد إذا تعرض منزلها للقصف حتى لا يضطر أحد للتعايش مع فداحة فقدان الأحبة.
عائلة حسونة
ونقلت صنداي تايمز عن سفير فلسطين لدى بريطانيا حسام زملط، على حسابه في منصة “إكس”، تأكيده بأن الصورة التي ظهرت يوم 12 فبراير/شباط الماضي على الإنترنت لجثة فتاة صغيرة تتدلى من سياج في رفح، هي لابنة عمه سيدرا حسونة البالغة من العمر 7 سنوات. وقال إن انفجار الصاروخ الإسرائيلي كان من القوة بحيث قذفها بعيدا.
واستشهدت سيدرا إلى جانب شقيقتها التوأم سوزان، وشقيقها الذي لم يتجاوز من العمر 15 شهرا، ووالديها، وعمها حمود، وجدتها سوزان وجدها فوزي حسونة.
وروت الصحيفة البريطانية عن إبراهيم حسونة (25 عاما) -الناجي الوحيد من أفراد أسرته- أنه عندما وصل إلى منزلهم لإزالة الأنقاض، رأى ما لم يكن يرغب في رؤيته أبدا. “رأيت أشلاء عائلتي بأسرها، وملابسهم ممزقة، والدماء والدمار والحجارة والغبار. عثرت على خاتم أمي على الحائط وقد ذاب”.
وأضاف “الآن لم يعد لدي عائلة، ولن أستطيع العيش بدونهم. فقدت أجمل شيء في حياتي”.