وطنا اليوم:ما تزال بيروت خلال الحصار الإسرائيليّ تذكرها، والفدائيون الفلسطينيون الذين ناصرتهم وظلّت أمينةً لقضيتهم، اليوم وقد بلغت من العمر (83 عامًا) ما زالت على عهدها مؤيّدةً مُثابرةً جدًا لقضية فلسطين، لم ترضَخ للضغوطات ولم تنحنِ للإملاءات، إنّها الممثلة البريطانيّة فانيسا ريدغريف، التي لم تتورّع في حفل تسّلمها جائزة الأوسكار عام 1978 عن مُهاجمة إسرائيل ووصف قادتها بالـ”سفّاحين”، وحثت على نصرة الشعب الفلسطينيّ، الأمر الذي أقام دولة الاحتلال والصهاينة في جميع أرجاء المعمورة ضدّها، ولكنّها لم تتراجع، وبقيت شامِخةً كزيتون فلسطين.
ما زالت مُتمسّكةً بدعمها لفلسطين، وتحضن برأفة وحنان الأمّ قضية فلسطين، تستمّر ريدغريف، في دعمها المُطلق لـ”قضية العرب المركزيّة)، عمليًا وكلاميًا، في ظلّ حالة الذُلّ والهوان التي تُميّز العديد من قادة الدول العربيّة، وليس الشعوب الناطِقة بالضاد. تُواصِل الممثلّة ريديغريف مُعارضة إسرائيل، في الوقت الذي باتت الهرولة للتطبيع معها ربّما شعار المرحلة.
كثيرون ربما لا يعرفون فانيسا ريدغريف، الممثلة البريطانيّة النجمة التي أحبّت فلسطين وشعبها، وقطعت آلاف الأميال لتُناصِر الثورة الفلسطينيّة، في عزّ معارك الاجتياح الإسرائيليّ للعاصمة اللبنانيّة عام 1982، والتقت الراحل ياسر عرفات، لتشُدّ على أيدي المُقاومين وترقص معهم بالكلاشنكوف.
هذه الممثلة التي اشتهرت في السينما مثلما المسرح، عرفت بتعاطفها مع الفلسطينيين، ممّا تسبب لها بالكثير من المشاكل، ومحاولات الإقصاء، لكنّها وهي التي نشأت ماركسية الفكر وتروتسيكية التوجه، كانت أقوى من كلّ محاولات كسرها.
وقال صالح رافت عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة ورئيس الدائرة العسكريّة والأمنيّة فيها، قال في مقالٍ نشره على موقعه الشخصيّ إنّ ريدغريف قوبِلت للأسف بتجاهلٍ عربيٍّ، لكنّها وهي المناصرة لقضايا الإنسان، لم تكن تكترث. وإضافةً إلى القضية الفلسطينيّة ناصرت قضية شعب فيتنام وطالبت بنزع السلاح النوويّ وناضلت من أجل حقوق الإنسان، كما ساهمت في المظاهرات التي عارضت الحرب على العراق عام 2003.
ومن الجدير بالذكر أنّ ريدغريف ولدت يوم 30 كانون الثاني (يناير) من العام 1937 في غرينتش، وبدأت مسيرتها الفنية عام 1958. كما أنها من الفائزات بجوائز الأوسكار وجائزة إيمي وجائزة غولدن غلوب. وتمّ ترشيحها لنيل جائزة الأوسكار ست مرات وفازت بها مرة واحدة كأفضل ممثلة مساعدة في فيلم Julia. اندلعت مظاهرات قام بها بعض اليهود-الصهاينة ضدّ حصولها على جائزة الأوسكار وضدّ حضورها الحفل لتسلم الجائزة، وذلك لمشاركتها في فيلمٍ وثائقيٍّ يتناول القضية الفلسطينيّة عام 1977 حمل عنوان “فلسطينيون”، فأثارت الجدال أثناء كلمة شكرها في حفل الأوسكار وهاجمت “تلك الحفنة من السفّاحين الصهاينة الذين اعترضوا على مشاركتها في الفيلم الوثائقيّ”، كما قالت.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، كرّمتها لجنة جائزة الأوسكار في سابقة بالتوجّه لمقر سكنها في لندن. وعن التمثيل وطبيعة عمل الممثل قالت إنّه لا يُمكِن التمثيل دون فهم للطبيعة الإنسانية وفهم الذات، وتابعت: “أقوم دومًا بدراسة الطبيعة الإنسانية وطبيعتي الخاصّة أيضًا كي أستطيع التمثيل”.
مرور ريدغريف في درب الثورة الفلسطينيّة كان نصرةً للإنسان المقهور في مخيمات اللاجئين، ولأنّها تؤمن بالإنسان، وحاربت ماكينة الإعلام التي يسيطر عليها أعداء الإنسان، أشرق الفلسطينيون في عينيها الجميلتين.
وخلال عملية البحث عن معلوماتٍ عنها، ولجنا في العديد من مواقع الإنترنيت الفلسطينيّة، للأسف لم نجِد الكثير عن الممثلة البريطانيّة الداعِمة لقضية فلسطين، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، الموقع الرسميّ لمنظمّة التحرير الفلسطينيّة، بموجِب بحثنا فيه، لا يذكر ريدغريف بتاتًا، حيثُ يُجيب الموقع على مُحاولة البحث: “لم يتم العثور على نتائج للبحث عن (فانيسا ريدغريف )”.
لذا ولأسبابٍ أخرى، فإنّ هذه الصحيفة، (رأي اليوم)، تنشر هذه المادّة المُقتضبة عن ريدغريف، لتكون مُساهمةً مُتواضعةً في تعريف القارئ العربيّ بشكلٍ عامٍّ، والفلسطينيّ على نحوٍ خاصٍّ، بهذه المُناضِلة الصنديدة من أجل قضية فلسطين، قضية شعبٍ اقتُلِع من أرضه، وهُجِّر من وطنه، بالنكبة المنكودة عام 1948، في أبشع جريمةٍ اقتُرِفت خلال التاريخ.