بقلم: المهندس خالد بدوان السماعنة
لم يكن افتتاح مركز الصحة الرقمي الأردني مجرد حدث تقني عابر. بل هو إعلان صريح أن قطاع الرعاية الصحية في الأردن يدخل مرحلة جديدة، عنوانها: الخدمة الرقمية، والوصول السريع، وإدارة صحية متكاملة.
لكن وسط هذه القفزة، ثمة تساؤل يهمس في أذهان البعض، وربما يصرخ في أذهان آخرين:
“أين سيقف الطبيب؟ وهل ستهدد التكنولوجيا موقعه الإنساني والمهني؟”
الطب لا يُستغنى عنه… لكن أدواته تتغير ،،،
التحول الرقمي لا يلغي دور الطبيب، بل يعيد تشكيله.
فما كان الطبيب يفعله يدويًا على الورق، صار يُنجَز عبر منصات رقمية.
ما كان يتطلب جلسات طويلة وأرشفة متعبة، بات يُدار عبر نظام موحّد يُحفظ فيه كل شيء: من التاريخ المرضي، إلى نتائج المختبر، وخطة العلاج.
إنه اختصار للزمن، وليس اختصارًا للإنسان.
بعض المخاوف المشروعة ،،،
ليس سرًّا أن جزءًا من الكوادر الطبية يشعر بالقلق.
التحول السريع، الأنظمة الجديدة، شاشات تحلّ محل الورق، مرضى يتوقعون استجابة فورية…
كلها ضغوط قد تجعل الطبيب يشعر أنه “محاصر بالتكنولوجيا.”
لكن الحقيقة أن ما يُطلب من الطبيب اليوم هو:
أن يُتقن أدواته الجديدة، لا أن يتخلى عن مهنيته.
أن يتفاعل مع النظام الرقمي، لا أن يُقاومه بدافع الحنين أو الخوف.
الطبيب الرقمي… هو الطبيب الإنساني المعاصر ،،،
الطبيب اليوم لا يُنتظر منه فقط أن يكون بارعًا في التشخيص والعلاج، بل أيضًا أن يتقن إدارة المعلومات، ويعرف كيف يستخدم البيانات الطبية المخزّنة لتقديم رعاية أدق، وأسرع، وأكثر أمانًا.
ولأن الطبيب الأردني لطالما أثبت كفاءته محليًا وعربيًا ودوليًا، فإن التحدي ليس أكبر من قدرته على التكيّف، بل هو فرصة ليكون شريكًا في صناعة المستقبل، لا مجرد شاهد عليه.
كلمة أخيرة ،،،
الصحة الرقمية ليست منافسًا للطبيب، بل امتدادٌ له.
أما الذي يُقصى أو يتراجع، فليس بسبب الآلة، بل بسبب رفضه الانضمام لمسيرة التطوير.
وفي نهاية المطاف، لا شاشة ولا تطبيق ولا خوارزمية تستطيع أن تحل محل يد الطبيب التي تطمئن، أو نظرته التي تسبق الكلام.
دمت يا أردن بخير.