وطنا اليوم- صدر للاستاذ الدكتور محمود السلمان استاذ اللغة الانجليزية في جامعة البترا، كتابُ “رحلة صداقة” الذي يتحدّث عن قامة وطنيّة أردنيّة كبيرة، عرفها كلّ من عاصرها في فترة الخمسينيّات، هو المفكّر الدّكتور عبد العزيز مسلم العدينات.
وقال السلمان عن كتابه الجديد لقدأخذ منّي الكتابُ ثلاث سنين وأنا أحاول سبر غور فكر هذا المفكّر لأعطيه ولو جزءًا من حقّه؛ فهو -من وجهة نظري- من القلّة القليلة الذين قابلتُهم في حياتي؛ رأيتُ فيه الوطنيّة الصّادقة المخلصة، رحمه الله، ورأيتُ من خلاله كيف يبقى المبدأ مبدأً ثابتًا راسخًا؛ رأيتُ فيه الزّهد في المناصب التي كان يستطيع أنْ يتبوّأ أعلاها لو أراد، لكنّه اختار أن يبقى متصالحًا مع نفسه ومحترِمًا لها حتّى آخر دقيقة في حياته.
هو المفكّر وعالم الزّراعة، كان من أوائل مَن حصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الزّراعيّة على مستوى الأردنّ كلّه، تخرّج في فرنسا وكان قد التحقَ في جامعاتها عام (1949م). الدكتور عبد العزيز عدينات رجلُ دولة بكلّ ما تعنيه الكلمة. وكلُّ مَن عرفه يعلم أنّني مهما قلت فيه فلن أوفيه حقّه، وكلُّ مَن لا يعرفه لو عرفه لقال إنّني لن أستطيع أن أوفيه حقّه مهما قلت فيه!
في ثنايا الكتابِ تفاصيلُ عن حياته وعن الوطن خلال فترة الخمسينيّات، فهو يتناول هذه الشّخصيّة الوطنيّة المميّزة منذ كان في الأردن إلى أنْ ذهبَ فرنسا ثمّ عاد إلى الوطن مرورًا بمراحل حياته كلِّها.
وصديقُ رحلته الدّكتور سامي الصناع، أمدّ الله في عمره، فهو رفيقه المقرّب في مراحل الدّراسة والعمل. الدّكتور سامي لم يكن في أيّ موقعٍ شَغَلَه مديرًا تقليديًّا عاديًّا؛ فهو المبدع في مواقعه كلِّها؛ كان أمينًا عامًّا لوزارة الزّراعة فترك بصماته العلميّة والقياديّة إلى هذا اليوم. وقد كان مديرًا عامًّا للإقراض الزّراعيّ فتميّز كما كان دائمًا في عمله ودراسته؛ وقد حصل على أوسمة عديدة لإخلاصه ولعلمه الغزير ولوطنيّته؛ فقد كان مؤمنًا أنّ قمّة الوطنيّة تتجسّد في العدالةِ والاستقامةِ خلال تبوّؤ أيّ منصب، والعملِ بكلّ جهدِك في أيّ موقع تكون، فالمنصب، من وجهة نظره، يرفعه الإنجازُ وليس المسمّى. لذلك تراه متواضعًا نقيًّا إذا ما قابلته، ولكنّه إذا ما تحدّث بعلمه أو عمله، تستنتج المنصب الذي كان من خلال عمق الكلام، فيغدو التّواضع، وهي صفة كانت أيضًا في الدكتور عبد العزيز، ملازمة لكلّ مَن تحدّث عنه إنجازُه وإبداعُه في أيّ مكان وزمان. لذلك لم يكن بغريب أن يحصل الدّكتور سامي على أوسمة، حيث حصل على وسام الكوكب من الدرجة الثانية عام 1991؛ تقديرًا لخدماته بالقطاع الزراعي من الملك الحسين ، وكذا الدكتور عبد العزيز الذي حصل على وسام فارس من حكومة الجمهوريّة الفرنسيّة عندما كان مسؤولًا زراعيًّا عن إقليم كامل في ذلك المكان.