الشركات الناشئة المحلية تحتاج لنظام متكامل وتسهيل وصولها للتمويل

29 أكتوبر 2022
الشركات الناشئة المحلية تحتاج لنظام متكامل وتسهيل وصولها للتمويل

وطنا اليوم – أجمع خبراء ورياديّو أعمال، على أن الشركات الناشئة في الأردن، تحتاج لوجود نظام متكامل يدعمها، ويرتبط بالمهارات والمواهب، ويسهّل وصولها إلى التمويل، بما يعزز قيمتها المضافة، وميزتها التنافسية، ويربط فيما بينها.
وأشاروا إلى أهمية اعتماد منهجية تفحص الأفكار والأعمال الريادية الناشئة، قبل تحويلها إلى مشاريع استثمارية والبحث عن مستثمرين، بهدف التحقق من مدى خطورتها وقابليتها للنجاح، بالإضافة إلى الربط بين الشركات الناشئة والكبيرة عبر بوابة واحدة، لتبادل الخبرات والتحديات والفرص.
وقال نائب رئيس الجمعية الأردنية لريادة الأعمال، الدكتور بلال محمود الوادي، إن الوقت الحالي، يفرض حاجة ماسة لدعم نظام متكامل للشركات الناشئة الأردنية، يرتبط بالمهارات والمواهب، والتعامل بذكاء استراتيجي للمرحلة المقبلة، ويضمن تعزيز ثقة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد وتمكينها من خلال التمويل والابتكار لزيادة قدراتها التنافسية.
وأكد ضرورة التركيز على الاحتياجات الحقيقية المتنامية للسوق، وتلبية تلك الاحتياجات بطريقة ناضجة وفاعلة، مما ينعكس بنحو كبير على استحداث خدمات ومنتجات وأنشطة جديدة للشركات الناشئة.
وأشار إلى أنه وفقاً لأحدث استبيان عالمي 2022 لشركة ماكنزي للاستشارات، أظهرت تنبؤات قادة الشركات بالعالم أن نصف إيراداتهم بحلول عام 2026 ستأتي من خدمات أو منتجات أو أنشطة تجارية لم تنشأ بعد، وذلك يحتاج إلى توجّه استراتيجي وحلول استراتيجية مستدامة تحقق انتصارات سريعة لرواد الأعمال أصحاب تلك المنشآت، من خلال توفير مستويات دعم معرفي وتقني وقانوني للشركات الناشئة، وإطار عام يضمن تفعيل برامج التعليم والثقافة لريادة الأعمال ومجمّعات ريادة الأعمال، وصناديق رأس المال الجريء الحكومية، وبرامج النمو، والبرامج الإنتاجية، والتقنية و الابتكارات الحديثة والمحتوى المحلي، وبرامج تسهيل وتسريع الأعمال، إضافةً إلى تمتين العلاقة بين روّاد الأعمال والمبتكرين ليواكبوا القدرات التنافسية بالأسواق المحلية والدولية.
بدوره بيّن مستشار رئيس الجامعة الألمانية للابتكار ونقل التكنولوجيا وريادة الأعمال، وسفير الابتكار لمنطقة الشرق الأوسط للمعهد العالمي لإدارة الابتكار، الدكتور عبدالرحمن زريق، أن معظم الشركات الناشئة في الأردن تركز على الفكرة والقيمة المضافة، إلا أنها تفتقد للمسار الصحيح الذي من شأنه اختبار الأفكار قبل البحث عن استثمار.
وأوضح الدكتور زريق، أن فحص العمل والفكرة، يتطلب مهارات واسعة، للدخول في منهجية تتضمن عدداً من الخطوات، التي تتحقق من ثبوتية وجهوزية الفكرة للاستثمار والاستمرار، ودرجة المخاطرة، مما يساعد في توضيح مدى نجاح المشروع.
واعتبرت الخبيرة في مجال الابتكار والريادة الرقمية، الدكتورة مشيرة عنيزات، أن أهم ما تواجهه الشركات الناشئة حالياً، هو الافتقار لوجود قانون واضح للشركات الناشئة، وبالتالي عدم القدرة على جذب صناديق استثمار، ورأس المال المغامر للاستثمار فيها، رغم “الدور الفعال الذي سيلعبه القانون” في دعم وترقية الشركات الناشئة.
وقالت الدكتورة عنيزات “إننا في الأردن، بعيدون عن المراحل المتقدمة التي بلغتها بعض الدول، لعدة أسباب، منها؛ حداثة ومحدودية كل من فكرة حاضنات الأعمال والشركات الناشئة في الأردن، وضعف المورد البشري وعدم تأهيله، وافتقاره لخلفية كافية حول الشركات الناشئة ونقص الأفكار الإبداعية والمبتكرة، وضعف التمويل، و نقص رأس المال المغامر للاستثمار، بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية، وعدم مواكبة التشريعات والقوانين”.
وأضافت إن “تخلّف” الإنتاجية، وعدم مطابقة المعايير الدولية؛ من الأسباب التي جعلت المنتج الأردني عاجزاً عن دخول أسواق كبرى، نظرا لضعف تنافسيته، بالإضافة إلى ضعف الإنفاق الحكومي على البحث العلمي، وانفصال الجامعة ومراكز البحث العلمي عن أرض الواقع.
وأشارت إلى مجموعة من العوامل الأساسية التي تؤثر بنحو معنوي على تكوين الشركات الناشئة، وهي نقص المعرفة التكنولوجية، إذ إن الأفراد ذوي الكفاءات والمؤهلات العلمية العالية، يُحتمل أنهم سيجدون المزيد من فرص العمل، ولكن يمكن أيضا أن يكون لديهم وسائل ممتازة لبناء مشاريعهم الخاصة، بالإضافة إلى عدم توافر رأس المال، الذي يعد ضرورياً لتحسين المناخ المحلي، وتهيئة بيئة تؤمن بريادة الأعمال، بهدف تشجيع الطلب على خدمات الشركات الناشئة.
ولفتت إلى أهمية دفع الشركات الناشئة المبتدئة -خاصة شركات التقنية فائقة التكنولوجيا- حول التفاعل والعمل مع المراكز الجامعية “ففي كثير من الأحيان تعمل الصناعة بأطر زمنية قصيرة الأجل، بينما تأخذ الجامعات وقتاً أطول لأهداف بحثية”.
وأكّدت عنيزات أن حاضنات الأعمال هي أداة مفيدة لتهيئة مناخ أكثر ريادة للحد من معدل الفشل في الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، مشيرة إلى أن العامل الديمغرافي مهم، حيث أن المناطق الشبابية أو المكونة من الفئة الشابة تتجه لإنتاج شركات أكثر، ومعدلات المؤسسات الناشئة هي عادة أعلى في المناطق الحضرية مقارنة بالبيئات الريفية.
بدوره، دعا مدير دائرة التسويق في شركة جورج أبو زيد، يزن الصُّناع، لأن تُبنى أي شركة ناشئة على وجود فكرة واضحة جديدة، تحاكي احتياجات الشركات والأفراد، بعد دراسة مستفيضة للسوق المحلية والشركات.
وأكد الصُّناع ضرورة أن تكون الفكرة فريدة من نوعها وغير موجودة، كونها الركيزة الأساسية للنجاح، وليس فقط رأس المال أو إيجاد ممول، مشيراً إلى دعم الحكومة الشركات الناشئة مؤخراً، ضمن منظومة ريادة تكنولوجيا الأعمال.
ولفت إلى أن هذا الدعم بحاجة إلى دور تعليمي و تثقيفي من خلال مؤسسة تعليمية داعمة مثلاً، ويكون واضحاً، تفادياً لأسباب فشل استمرار بعض الشركات الناشئة، كعدم المعرفة بكيفية إدارة الأفكار، وعدم استغلال رأس المال بنحو جيد، وعدم القدرة على تسويق فكرة المشروع الأساسية للسوق، لاستقطاب اهتمامها و تغطية احتياجاتها.
واعتبر المدير التنفيذي في شركة (كويك كليم) زيد الجازي، أن الشركات الناشئة، تحتاج بوابة رئيسية، وهي موجودة بالفعل، من خلال وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، مع المزيد من الهيكلة وتحويلها إلكترونياً، لتعنى بالتشبيك مع جميع أطراف البيئة المحيطة، مثل الوزارات والدوائر الحكومية، لتشمل جميع المراحل منذ تأسيس وتسجيل الشركة إلى التعلّم والاستفادة من خبرات المستشارين والخبراء من مختلف المجالات كالماليين، والقانونيين، والإداريين، والرياديين، وأصحاب شركات متوسطة وكبيرة، ومسرعات الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب، إلكترونياً، مما يتيح للرياديين الاستفادة من هذه الأدوات من خلال محطة واحدة.
وأكد الجازي أن البيئة الريادية في الأردن، ناضجة وغنية ومصدّرة للخبرات وقصص النجاح.
ودعت المديرة التنفيذية لشركة (ثري سيكستي مومز) دينا عبد المجيد، إلى إيجاد تسهيلات خاصة بالشركات الناشئة، من حيث نسب اشتراك الضمان الاجتماعي، والضرائب وغيرها.
ولفتت عبد المجيد، إلى ضرورة أن يسعى رياديو الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة أو القائمون عليها، لتوطيد وإقامة علاقات مع شركات كبرى سبقتهم في مجالهم، مؤكدة ضرورة وجود برنامج يعمل على الربط فيما بينهم، لتبادل الخبرات، والتعلّم من الأخطاء والعثرات والتحديات، ومشاركة النصائح.
وقالت مؤسسة ومالكة شركة (سي باث) ريهام الزّغير، إن الشركات الناشئة في الأردن، تواجه صعوبات في الوصول إلى التمويل، والحصول على المعارف والخبرات التخصصية في كل قطاع، بما يسهل تقديم قيمة مضافة، وميزة مختلفة في السوق المحلية.
ويبلغ عدد الشركات الناشئة في الأردن، 375 شركة في مختلف القطاعات، بحسب منصة الشركات الناشئة التي تديرها جمعية
شركات تقنية المعلومات والاتصالات (إنتاج).
وأظهرت دراسة بعنوان “خريطة الشركات الناشئة الأردنية” ونشرت في نيسان الماضي، وأعدتها كل من جمعية “إنتاج” وشركة أورانج الأردن ومجلس “ستارت أبس جو” أن 275 شركة محلية ناشئة، أوجدت 2618 وظيفة جديدة مباشرة لشابات وشباب طموحين، فضلاً عن أن مشاركة الإناث في الشركات الريادية بلغت 40 بالمئة.
وأشارت إلى أن منظومة ريادة الأعمال الأردنية تتكون من 360 شركة، وخلصت إلى تركّز الشركات الناشئة التي تنطبق عليها المعايير في قطاعات تشهد نمواً وتواجداً رقمياً متزايداً، إذ إن 57 بالمئة منها يعمل في 5 قطاعات رئيسية هي التجارة الإلكترونية بواقع 25 بالمئة، والتعليم الإلكتروني التي وصلت نسبتها إلى 12 بالمئة، والصناعات الإبداعية والتصميم والإعلام بنسبة 8 بالمئة، والمالية التقنية بنسبة 7 بالمئة والرعاية الصحية الإلكترونية بنسبة 5 بالمئة.
وبالإضافة إلى القطاعات الرئيسية؛ شكّلت الشركات الناشئة في كلّ من القطاع السياحي والقطاع الزراعي 4 بالمئة من إجمالي عدد الشركات الناشئة، وشركات الألعاب الإلكترونية وشركات منصات التواصل الاجتماعي 3 بالمئة، وإنترنت الأشياء 2 بالمئة، وأمن المعلومات 2 بالمئة، في حين بلغت نسبة الشركات العاملة في مجال البلوكتشين 1 بالمئة.

 

 

— (بترا)