وطنا ايوم – في حوارية مع نخبة من الشباب، عبر تقنية زووم، نظمها معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، قال وزير الداخلية الأسبق، العين حسين المجالي، إن ما يميز النظام الأردني أنه لم يكن يوما من الأيام نظاما دمويا أو استبداديا، بل كانت سياسته تقوم على الدوام على قيم التضامن والتسامح والانفتاح مع الأطراف السياسية كافة.
وأضاف أن سياسة كل من الملكين عبدالله الثاني والراحل الحسين تتمثل بالاستيعاب واحتضان المجتمع، والتعامل بمنطق الرعاية والمسؤولية.
وأوضح المجالي، أن اسلوب القوة والبطش والضرب هو سلاح الضعيف، أما الاستيعاب والنقاش فهو سلاح القوي، وهو الأسلوب الذي انتهجه الملوك الهاشميون في الحكم.
واستذكر عندما كان مديرا للأمن العام في المرحلة الأولى للربيع العربي، عندما خرجت مظاهرة في الجامع الحسيني، فقال جلالة الملك لي: “يا حسين لا أريد أن تراق قطرة دم واحدة على الأرض الأردنية”.
وبين المجالي إن نظرة جلالة الملك عبدالله الثاني، تقوم على إنكار الذات وعلى المسؤولية الأخلاقية وليست نظرة العظمة والاستبداد، مبينًا أن جلالته يفكر ملياً في مئوية الدولة، كيف سيورث الحكم لابنه والأجيال القادمة، بعد عمر طويل، فهذا حمل ثقيل يتطلب أن يكون حول جلالة الملك رجال دولة يتقون الله وينتمون إلى الوطن.
وتطرق لـ”فاجعة السلط”، قائلا “إنها لم تكن بسبب قلة الإمكانيات ولا عدم الاستعداد بل هي جريمة بحق الإدارة العامة جراء التقصير والاستهتار”.
وأشار المجالي إلى أبرز التحديات التي تواجه الأردن خلال الفترة الراهنة ووضع التحدي الاقتصادي كأولوية، رغم صعوبته إلا أنه علينا ان نسخر نقاط القوة لصالحنا.
وقال “حتى المواطن غير المؤمن بأن هناك عملية إصلاح تجري اليوم، إلا أنه سيكون أكثر رضى إذا استطاعت الدولة تقديم الخدمات له وتحسين قطاعي الصحة والتعليم وباقي الخدمات التي تمس العلاقة اليومية بين المواطن والدولة”.
ولفت المجالي إلى “أن تحدي الهويات الفرعية يمثل اليوم أولوية من الضروري التعامل معها، ففي الوقت الذي تمثل فيه التنوعات المذهبية والطائفية والتقسيمات المناطقية مصدر توتر وضعف في دول الجوار، إلا أنها مصدر قوة للأردن، كما كانت على الدوام، فالتنوع بمثابة قوة داخلية، ومن الضروري ألا يفتح المجال لقوى خارجية أو عابثة أن تحاول التلاعب بذلك وتقسيم المجتمع على أسس هوياتية، ما يستدعي العمل على تعزيز الهوية الوطنية الجامعة المبنية”.
كما تطرق إلى تحدي “عدم الانضباطية” وفقدان الثقة بسيادة القانون فهو خطير جدا وحالة الاستهتار بمؤسسات الدولة، والاستعلاء على القانون، وهي تحديات تتطلب العمل على معالجتها، مشيرا إلى التحدي الجيوسياسي للأردن، لموقعه في منطقة إقليمية متوترة من جميع الجهات، بخاصة إسرائيل.
وقال المجالي “بمقدورنا أن نقوم بمشروع وطني، وعلينا أن نقرر اليوم كيف يكون الأردن ونتفق على الأساسيات التي تجمعنا، وذلك يتطلب حوارا بين جميع الأطراف لنكون قادرين على صياغته والتوافق على مضامينه”.
وأكد “أن الأردن لم يقص أي من رجالات الدولة، فهنالك رجال أقوياء وشخصيات سياسية على قدر المسؤولية، لكن من يخفق فليس برجل دولة، وفي الربيع العربي بعض السياسيين هم من اختاروا الانسحاب من المشهد خوفا من القادم وأن رجالات الأردن باقية”.
وفيما يتعلق بجدلية الأمني والسياسي، قال المجالي “البعض يعتقد إذا كان الجهاز الأمني قويا فالبلد غير ديمقراطي”، مؤكدا أن الأمن هو الضامن للديمقراطية وعنصر أساسي، لكن لا يجب أن تصل المشكلات السياسية إلى الأمن لعلاجها، فهذه مسؤولية المؤسسات السياسية، وإخفاقها هو الذي يضع عبئا ثقيلا على الأجهزة الأمنية، فإذا فشلت المؤسسات المعنية عليها مصارحة المجتمع لا أن تتهرب من المسؤولية.
وأرجع عدم مشاركة الشباب إلى أن القادة السياسيين الكبار غير القادرين على الانتقال لدور صناعة القيادات الجديدة، وترك المساحة للشباب، مضيفا على الشباب أن يحسنوا اختيار النواب وألا يتم ذلك على أسس عشائرية أو مناطقية.
وحول أزمة الثقة، قال المجالي “قبل أي إصلاح سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي يجب ردم فجوة الثقة التي تتسع بين مؤسسات الدولة والمواطن”.
وبشأن المعارضة الخارجية، أوضح المجالي “إذا كانوا يرون أن السيف على رؤوسهم كما يدعون، فكيف غادروا الأردن؟، خاصة وأن الحدود والمنافذ الأخرى التي يمكنهم الخروج منها مغلقة!. إذا المنفذ الوحيد هو مطار الملكة علياء الدولي، فلا يمكن لأحد الخروج من المطار دون موافقة الدولة على ذلك”.