مرشح آخر طبعة عصرية !
بسام الياسين
وطنا اليوم:ما ان انهت ” الرقاصة اللهلوبة ” نواعم،نجمة ملهى النخبة الليلي وصلتها في هز البطن،حتى اجتاحت الصالة،نوبة هياج هستيرية.تعالت صرخات ” المسطولين ” :ـ عظمة على عظمة يا ست ـ .الحق يقال لقد احسنت ” نواعم “، هذه الليلة،في ادارة وتشغيل مناطق الاثارة في جسدها الغض بكفاءة عالية.ما اثار غرائز الزبائن المكبوتة والعواطف المحبوسة في اصلابهم.ناهيك،ان الرقص الشرقي، وما فيه من هز يثير الرغبات، الحيوانية بحيث لا تحكمها قيم فاضلة ولا ضوابط حياء او استحياء.خصوصاً تحت تأثير الخمرة والحبوب المخدرة.
امام هذه حماس وتحيات جمهور المخدرين،انحنت نواعم انحناءة،كشفت البقية الباقية من صدرها.فاشتعلت عاصفة اخرى من التصفير، وموجة غزل بذيء ومكشوف.عندما هدأت العاصفة،قذفت ” نواعم ” المترنحين بقبلة ملتهبة،فسقطت عليهم كقنبلة انشطارية،اصابت شظاياها الجميع،فكادت عيون القوم ان تخرج من محاجرها والقلوب من اقفاصها،بتأثير خمرة مغشوشة وسجائر ملغومة تضاعف من السعادة الطارئة المكذوبة.
نواعم كانت اسعد مخلوقة، لما يحدث من صخب،وهذا ما يعطيها اهمية امام صاحب المحل ويرفع اجرتها…..اثناء الاستراحة بين وصلتين،جففت عرقها ثم رشفت رشفة ماء باردة، من يد النادل عبده، القائم على خدمتها.باعتداد طاووس مزهو، خرجت للجمهور، وقالت بدلع انثوي :ـ ” عايزين ايه يا حبايبي “. صاح الجميع بصوت واحد :ـ ” بدنا نواعم ترقص للصبح “. اسبلت عينيها باستسلام وقالت :ـ ” حصل يا حبايبي حصل “.في الاثناء،دخل مرشح عصري،محاطاً بمجموعة من انصاره الى الملهى،حسب نصيحة مستشاره للشؤون الليلية.فالمكان مكتظ بالمفاتيح الانتخابية وسوق شراء الاصوات سهل ومتاح.
رحب مدير الصالة بالمرشح،وقاده الى احدى الطاولات الامامية.جلس والمرافقون باستثناء قائد الحملة. حيا الحاضرين بكلمات دافئة،مستئذناً الحضور، باعطاء نبذة تعريفية قصيرة عن نائب المستقبل قائلاً :ـ اعرفكم بابن الشعب البار…..شاب عصري منفتح ومتفتح.مختلف في افكاره وتطلعاته،ومخالف لما يجري على الساحة.معارض صلب خصوصاً اداء المجلس البائد.ابنكم المرشح، قنبلة نيابية،وثورة بيضاء على الفساد والبطالة،وهو مصمم على ان لا يجلس تحت القبة ابداً بل فوقها حتى يشاهد انجازاته ـ مراق الطريق ـ.
لذلك،اعطوه الفرصة ولو مرو ليقلب الطاولة على رؤوس الكلمنجية، وينصب موازين العدالة، ويرفع المشانق للفاسدين. نظر للمرشح، وغمزه بطرف عينه،كما يسعدني ابلاغكم ان مشاريب الليلة، على حساب مرشحكم الذي يعيدكم بانهار من خمرة اصلية لا مغشوشة،وسيجعل لياليكم افراحاً،ويدفن الفقر كحشرة وضيعة،و على راس برنامجه، استرداد الاموال المنهوبة من بطون الفاسدين،كذلك المودعة في البنوك الاجنبية،عندئذٍ،لن تبقى يدُ عاطلة، اما الكورونا فالحرب عليها بلا هوادة، حتى تخرج خارج حدودنا.
قاطعه المنتشون :ـ ” بدنا نواعم….بدنا نواعم … ما بدنا تهليس…. ولا حكي ناعم ….بدنا نواعم….روح بره….واترك النا صخب الملهى”.وقف المرشح وتمطى، وابتسامة تغطي وجهه المتورد خجلاً وقال :ـ حاضر يا اخواني حاضر.انتو ونواعم على راسي. فجأة،صعد الى المسرح باتجاه نواعم،ونثر على راسها عشرات الاوراق النقدية، وهو يردد لعيون حبايبي وعيون نواعم ترخص المصاري.
تحت تأثير النشوة، خلع جاكيته، وقذفه لمدير حملته،ثم فك ربطة عنقه، ولفها حول خصره.اخذ يرقص.وبلا مقدمات، اقترب من الرقاصة وحاول احتضانها،فثارالزبائن،وطالبوا بسحبه، والقائه خارج الملهى لعدم مراعاته اعراف الملاهي. لم تفلح دبلوماسية مدير القاعة بانزاله عن المسرح،وجهود الفرقة الموسيقية باقناعه بالرجوع الى طاولته.فانهالت عليه صحون السجائر،وزجاجات الماء.
كانت اشد القذائف ايلاماً. زوج احذية قديمة. لم يعرف احد مصدرهما،نظراً لخفوت الاضاءة في الملهى .بعد محاولات حثيثة، سحب المرشح للخارج من قبل امن الملهى.بسبب الفوضى،اضطرت الادارة لاضاءة المكان طلباً للتهدئة واعلان انتهاء سهرة الليلة، بسبب عبث الدخيل.في الاثناء ومن باب الفضول وحب الاستطلاع، جالت العيون في ارجاء الصالة، تستكشف رامي الاحذية.المفاجأة اللامتوقعة انهم شاهدوا الشاب الجامعي بائع السجائر الذي اخفق في الحصول على وظيفة متواضعة في الحكومة، يقف في الزاوية حافي القدمين .