كتب المحامي حسين أحمد الضمور
عجيبٌ أمر النفس البشرية، كيف تخاف الفرح وكأنه ذنب، وكيف تختبئ كلما اقترب منها الضوء، وكأنها اعتادت أن تعيش في الظلال!
في لحظات السعادة، حين يفيض القلب بالطمأنينة، أجد نفسي أبحث عن مكان أختبئ فيه، بعيدًا عن العيون، عن الكلام، عن تلك النظرات التي لا أعرف هل تحمل إعجابًا أم حسدًا، حبًا أم غيرةً مبطّنة؟
أخاف أن يُصيب الفرحَ شيء، أن يتسلّل إليه الحسد كما يتسلّل الغبار إلى الزجاج النظيف.
ربما هي فوبيا العين، أو ربما هي ذاكرة التجارب القديمة؛ تلك التي علّمتنا أن كل فرحٍ عظيمٍ يتبعه حزن، وأن كل ضحكةٍ عاليةٍ تُسكتها الأيام بمصيبة!
أليس مؤلمًا أن نصبح سجناء الحذر حتى من لحظاتنا الجميلة؟
أن نخبّئ سعادة أولادنا، ونجاحنا، وراحتنا، وكأننا نرتكب جرمًا لو تحدّثنا عنها؟
لكن رغم كل ذلك، ما زلت أؤمن أن النعمة لا يحميها الخوف، بل الحمد.
وأن العين لا تُصيب من يُكثر من الذكر والرضا.
فالفرح ليس تهمة، والنعمة ليست لعنة، وإنما امتحانٌ في مدى ثقتنا بالله.
لذلك، عندما أفرح اليوم، أحاول أن أُهدي فرحي لله، وأقول في سري:
“اللهم أدمها نعمة، واحفظها بعينك التي لا تنام.”






