سب الله ودينه… تهديد للدولة والمجتمع

11 ثانية ago
سب الله ودينه… تهديد للدولة والمجتمع

د. هاني العدوان

مع إشراقة كل صباح تستهل معظم الإذاعات بثها بالموسيقى والأغاني
لكن القلوب المفعمة بالإيمان لا تجد ضالتها إلا عند أثير يوقظ الأرواح، ويعيد لها صفاءها
فتقلب الموجات بحثا عن معنى حيث إذاعة حُسنى…
الإذاعة التي اختارت الإيمان دربا والتقوى رسالة، فصارت نبضا نقيا في فضاءٍ غمره اللغو واللهو
أثير يُنير الصباح وبرنامجها الصباحي، صوتك حر شاهد على أن الإعلام حين يكون هادفا وصادقا وحاملا للرسالة الإعلامية المنظبطة يصبح منبرا للوعي والطمأنينة
منذ اللحظة الأولى يلامس بثها القلب، إذ تبدأ بالصلاة والدعاء والكلمة الطيبة وكأنها توقظ فينا ما نام من الطمأنينة
برامجها صافية المحتوى، جزلة، تحترم عقل المستمع وتسمو بذائقته حتى لتشعر أن حُسنى تبث عبر الضمائر التي ما زالت تصغي إلى الخير
عبر اثيرها الصباحي يصدح صوت الإعلامي القدير حسام الغرايبة في برنامجه الصباحي صوتك حر، صوت يعرف طريقه إلى القلوب بلا وسائط، يفيض بالوعي والرزانة، ويستحضر نبض الناس في حديثه، كأنه يعيش تفاصيلهم
حسام الغرايبة يتكلم من موقع المهنة ومن موقع الرسالة، لغته موزونة وحديثه مشبع بالعقل والرحمة
يقترب من قضايا الناس بضمير حي ويُحسن الإصغاء لأنينهم دون بهرجه واستعراض
يبدأ بالدعاء، يبارك اليوم للناس ويزرع في نفوسهم طمأنينة خفيفة، إنه منبر يطهر السمع ويغسل الروح من صخب اعتدناها حتى نسينا هدوء الكلمة الصادقة

في صباح الخميس الفائت طرح الغرايبة مسألة ثقيلة في معناها، تمس لبّ الإيمان، وتحتاج منا إلى وقفة طويلة
تحدث عن انتشار ألفاظ تمسّ الذات الإلهية ودين الله، تخرج على ألسنة بعض الشباب في الشوارع والمدارس والمقاهي، وكأنها كلمات مستساغة تخرج في لحظة غضب أو سخرية، دون إدراك هولها وحرمتها، نغمة دخيلة تسللت إلى مجتمع عُرف بتدينه وأخلاقه
قال تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}
آية تقطع الشك بيقينها، وتبين أن الأذى اللفظي للخالق ذنبا عظيما وخطيئة تمس أصل العقيدة
وفي الحديث الشريف يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه، إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالا يهوي بها في جهنم سبعين خريفا…
تلك الكلمات التي تخرج بتهور وغضب، قد تكون كافية لتمحو رصيدا كبيرا من الحسنات وتفتح أبواب الخسران

الغرايبة فتح الباب على جرح أعمق من الظاهر، لماذا تنتشر هذه الألفاظ في بلاد الشام أكثر من غيرها
ربما لأن الضيق المعيشي أرهق النفوس، وغشاوة الحياة حجبت البصيرة
وربما لأن التربية الإيمانية في البيوت والمدارس تراجعت والقدوة غابت، والمسجد لم يعد كما كان يحتضن الشاب بصدق القرب لا بصرامة الخطاب
حين تضعف صلة الإنسان بخالقه يصبح اللسان أول من ينفلت، فالكلمة التي تُقال في لحظة انفعال قد تكشف فراغا في الداخل لا يملؤه إلا الرجوع إلى الله

وفي مقابل هذا الانحدار خرج صوت الخير من بين الناس لا من فوق المنابر
رجل من عامة الناس صاحب خلق ودين لاحظ تلك الألفاظ فهاله المشهد، وأطلق فكرة حملة شعبية للتوعية بخطورة سب الله ودينه
دعا أصدقاءه فاستجابوا، وبدأوا بنشر التوعية عبر مواقع التواصل، ثم طباعتها على لوحات ومنشورات وملصقات في الشوارع
عملوا بصدق وبجهد ومن جيوبهم، لا يبتغون شهرة ولا جزاءً دنيويا
كانت نيتهم خالصة، فبارك الله فيها وانتشرت الحملة حتى صارت حديث الناس وإلهاما لكل غيور على دينه

هذا النوع من المبادرات لا يُقاس بحجمه بل بما يوقظه في ضمائرنا
وحين تصل الفكرة إلى الناس بصدق ينبغي أن تحتضنها الدولة لا أن تتركها تكبر وحيدة
وزارة الأوقاف، ووزارة التربية والتعليم، والمؤسسات الإعلامية، كلها مدعوة لتبني هذه المبادرة وتحويلها إلى برنامج وطني دائم، يُعلم الناس كيف تكون الكلمة عبادة
فالتربية الإيمانية ليست دروسا في الكتب بل وعي يجب ان يكون على اللسان وفي القلب والسلوك

من يسمع تلك الألفاظ ويصمت كمن يرى الانحراف يسير أمامه ويمشي إلى جواره فالساكت على الباطل كفاعله
قال النبي صلوات الله وسلامه عليه، من رأى منكم منكرا فليغيره
والكلمة لا تسقط بالتقادم، لأن الله سبحانه يقول {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
هي تُكتب كما تُقال، تُحصى كما تُنطق، والمرء يُؤخذ بما قال لا بما نوى تبريره

من المؤلم أن نرى شبابا يلعنون بألسنتهم خالقهم، وهم في حقيقتهم عطاش إلى الإيمان، يبحثون عن معنى للحياة ولم يجدوه
وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والمنبر والإعلام، ليعيدوا تشكيل الوعي، فيتربى الجيل على أن الكلمة الطيبة عبادة وأن من اعتاد ذكر الله طابت لغته، ومن ألف اللعن ضاع منه الحياء

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزّ بغيره أذلنا الله
ومن طلب العزّ بغير ذكر الله فلن يجد إلا الهوان
فالقيمة تبدأ من الكلمة، والكلمة إن صلحت صلح القلب كله

هذه الحملة المباركة يجب ألا تبقى جهدا فرديا محدود الأثر، بل يجب ان تتحول إلى وعي عام متجذر، تُدرس فكرته في المدارس، ويُبث صوته في الإذاعات، وتُكتب رسالته على جدران المدن والقرى وفي كل ساحة وحارة

إن احترام أسماء الله ودينه واجب ديني مقدس، فهو ركيزة للأمن الروحي للمجتمع كله، لأن من يعظم خالقه يحترم خلقه، ومن يقدّس الكلمة يقدّر الإنسان

ولأن البدايات الطيبة تصنع أثرا طويلا، يبقى برنامج صوتك حر شاهدا على أن الإعلام حين يتطهّر من الزيف يصبح منبرا للإصلاح، وأن إذاعة حسنى بما تبثه من وعي وإيمان تؤكد أن الصوت النقي يُسمع ويُقدر
فتحية الإعلامي البارز حسام غرايبة ولكل مذيع يجعل من صوته دعوة، ومن لغته طهارة، ومن الكلمة الطيبة جسرا يربط الناس بخالقهم

إن حملة كهذه نداء صارخ، احمِ لسانك، واحفظ دينك،
فالكلمة الطيبة حصن للإيمان، والسبّ على الله ودينه تهديد للأمة والمجتمع
واجبنا أن نرفع الصوت ونزرع الوعي في البيوت والمدارس والمنابر، ليظل الإيمان نبراسنا واللسان وسيلة للخير لا للخراب