أسئلة النائب الهميسات… أم استجواب النوايا

14 ثانية ago
أسئلة النائب الهميسات… أم استجواب النوايا

بقلم د. هاني العدوان

في النهج الديموقراطي لا يُستهجن أن يوجه نائب أسئلة إلى وزير فهذا من صميم الدور الرقابي الذي أناط به الدستور ممثلي الشعب
لكن ما يُثير التساؤل هذه المرة ليس الأسئلة ذاتها بل توقيتها وطريقتها ومغزاها الذي يبدو أنه تجاوز حدود الاستفسار إلى مساحة من التلميح والتجريح

فالنائب المحترم أحمد الهميسات وجه ستة أسئلة إلى وزير الشباب الدكتور رائد العدوان، رغم أن العدوان لم يمض على تسلمه مهامه أكثر من شهرين اثنين
أسئلة تتحدث عن “الخبرة الرياضية” و“الإنجازات الميدانية” و“الاستراتيجية الوطنية للشباب” وكأن الوزير تسلم حقيبته منذ سنوات طويلة وآن أوان محاسبته

قبل الدخول في تفنيد الأسئلة لا بد من الإشارة إلى أن معالي الدكتور رائد العدوان ليس عابرا على الإدارة الأردنية، بل هو رجل دولة شاب مشهود له بالكفاءة والانضباط، يحمل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والإدارة العامة، تدرج في سلم المسؤولية حتى صار محافظا في وزارة الداخلية، ثم أمينا عاما لها، ثم عضوا في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ثم مفوضا في الهيئة المستقلة للانتخاب، حتى تولى وزارة الشباب في التعديل الأخير
رجل عرف الميدان قبل أن يعرف المكاتب، وعرف الوطن قبل أن يعرف الواجهة
أما عن أسئلة النائب المحترم

أولا. عن الخبرات العلمية والرياضية

السؤال عن الخبرات الرياضية يبدو وكأنه إسقاط متعسف على حقيبة عنوانها الأوسع هو الشباب لا الرياضة وحدها
فوزارة الشباب ليست وزارة “المدربين واللاعبين”، بل وزارة تخطط وتوجه وتبني منظومة فكرية ومجتمعية تستوعب طاقات الشباب وتعيد توجيهها
وإن كانت الخبرة الرياضية شرطا، فهل كان جميع وزراء الشباب في العقود الماضية من الرياضيين المحترفين
وهل يُشترط أن يكون وزير الزراعة فلاحا، أو وزير الداخلية رجل أمن سابق
الوزير الناجح هو من يعرف كيف يُدير المؤسسة بعقل الدولة لا بعضلات الملعب

ثانيا. إغلاق ملعب مدينة الحسين للشباب

إغلاق الملعب ليس قرارا عبثيا، بل إجراء فني مؤقت جاء ضمن خطة الصيانة الشاملة للمرافق التي أهملتها إدارات متعاقبة، من الطبيعي أن تتطلب إعادة التأهيل بعض الوقت لضمان الجودة، وبدلا من التساؤل عن “السبب”، كان الأجدر أن يُسأل الوزير
هل بدأتم فعلا بتأهيل الملاعب التي طالها التآكل
الجواب نعم بدأ بها، والفرق الفنية تعمل منذ أسابيع، وكلها خطوات تُحسب له لا عليه

ثالثا. الاستراتيجية الوطنية للشباب

الاستراتيجية الوطنية ليست ورقة تُعد بين ليلة وضحاها، بل مشروع وطني تراكمي، عملت عليه فرق سابقة ولم تكتمل
ومن الإنصاف القول إن الوزير العدوان بادر منذ توليه المنصب إلى إعادة تفعيلها وتحديثها بما ينسجم مع مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي والإداري
فالرجل لا يكرر الخطابات بل ينزل إلى الميدان ليرى بنفسه، ويتحدث إلى الشباب وجها لوجه، لا عبر التقارير الورقية

رابعا. الزيارات الاستعراضية

من يتتبع حركة الوزير منذ توليه الوزارة يدرك أنه يعمل ليلًا ونهارا متنقلا بين المحافظات دون بهرجة إعلامية بل بحضور ميداني حقيقي يشهد له موظفو الوزارة والشباب أنفسهم
فهل أصبح الميدان تهمة بعد أن كان مطلبا
وهل المطلوب من الوزير أن يبقى في مكتبه ليُرضي من لا يراه في الخارج

خامسا. التحديث السياسي ودور الوزارة

وزارة الشباب اليوم جزء من منظومة التحديث الشامل التي يقودها جلالة الملك، والوزير العدوان من أكثر من فهموا هذا التوجه، إذ كان عضوا في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ثم مفوضا في الهيئة المستقلة للانتخاب، أي في قلب مشروع التحديث السياسي ويعرف كيف يربط بين السياسة والشباب والمواطنة الفاعلة

نعم لا ننكر على حق النائب بالسؤال ومن واجب الوزير أن يجيب
لكن البصيرة أصدق من البصر، ومن يتأمل السؤال بعين العقل يدرك أن المقصود لم يكن البحث عن جواب بقدر ماهو اختبار إرادة رجل بدأ يُحدث فرقا
فالدكتور رائد العدوان شاب مؤهل، نظيف اليد، مؤمن بدور الشباب في بناء الوطن،
وليس من العدل أن نُحاكم التجربة قبل أن تُمنح وقتها الطبيعي للنضوج

العدوان يعمل بصمت وكفاءة، والميدان يشهد له، ومن أراد أن يحاسبه فليحاسبه على النتائج بعد أن تكتمل لا على النوايا قبل أن تبدأ