زيارة أم استكشاف؟

3 ساعات ago
زيارة أم استكشاف؟

بقلم: المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور

حين يزور أحد أعضاء حزب “الليكود” الإسرائيلي الأراضي الأردنية، لا يمكن التعامل مع الحدث كزيارة عابرة أو لقاء بروتوكولي عادي، فالتوقيت والمغزى والرمزية كلها تُحيلنا إلى سؤال أعمق:
هل جاءت الزيارة لمجرد تواصل سياسي، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

الواقع أن الأردن لم يكن يوماً ساحة مفتوحة للتجارب السياسية أو المساومات. فمواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية، ومن العدوان الإسرائيلي المستمر، معروفة ومعلنة، قائمة على دعم الحق الفلسطيني ورفض كل أشكال التطبيع الذي يتجاوز ثوابت الأمة ووجدانها.

لكن ما يثير الانتباه هو توقيت الزيارة، الذي يأتي في ظل توتر إقليمي متصاعد، ومحاولات إعادة رسم خرائط التحالفات في المنطقة. ومن هنا يُطرح التساؤل المشروع:
هل الهدف من الزيارة هو جسّ نبض الموقف الأردني الشعبي والرسمي؟
أم أنها محاولة لاستطلاع حدود الرفض أو القبول في ظل واقع سياسي متقلب؟

الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة، لم يكن يوماً دولة تُقاد من الخارج، بل دولة الموقف والمبدأ والسيادة الراسخة. وهو الذي ظلّ يرفع صوته دفاعاً عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ويحذر من المساس بها تحت أي ذريعة كانت.

إن مثل هذه الزيارات – وإن بدت “ناعمة” في ظاهرها – قد تحمل أبعاداً استخبارية أو رسائل سياسية غير مباشرة، لا سيما حين تصدر من حزب يتبنى سياسات اليمين المتطرف. وهنا تكمن خطورتها: محاولة معرفة ما يدور في الداخل الأردني من خلال قنوات غير رسمية، تحت غطاء “زيارة ودّية”.

إلا أن ما يغيب عن حسابات أصحاب هذه المحاولات هو أن الأردنيين جميعاً – قيادةً وشعباً – يدركون اللعبة جيداً. فوعي الأردنيين لا يُخترق، وموقفهم من القضية المركزية ثابت لا يتغير مهما تبدلت الظروف.

وفي المحصلة، سواء كانت الزيارة رسالة سياسية أم اختباراً للمواقف، فإنها لن تغيّر من حقيقة أن الأردن كان وما يزال صخرة صلبة في وجه كل محاولات الالتفاف أو التطبيع المبطّن.

فمن أراد أن “يستكشف” الأردن، فليعلم أنه أمام وطنٍ يعرف من أين يبدأ، وأين يقف، ومتى يقول لا.