وطنا اليوم _
كتب: ليث الفراية
في بلدٍ اعتاد أن يفرز طاقاتٍ تفوق ما يُرى على السطح برز الدكتور محمود وفيق الفريحات كواحدٍ من أولئك الذين يمارسون العمل العام والاقتصادي بعقلٍ بارد وقلبٍ دافئ لا يتحدث كثيرًا ولا يلاحق العناوين لكنه حين يعمل يُحدث فرقًا يُلمس على الأرض في بيئةٍ تموج بالأصوات والشعارات اختار طريق الفعل الهادئ فصار حضوره من النوع الذي يُحترم لا يُعلن ويُبنى عليه لا يُبنى حوله .
الفريحات من الشخصيات التي تُقرأ من طريقة إدارتها للوقت والفرص لا من السير الذاتية المعلقة على الجدران لا يرى في المنصب وجاهة بل مسؤولية ولا يتعامل مع المشاريع كأرقامٍ مالية بل كقصص نجاحٍ لها أثر في الناس لذلك حين تولى إدارة شركة قوة الأردن لإدارة المنشآت لم يذهب باتجاه الإدارة الروتينية بل حوّلها إلى مساحة اختبار حقيقي لقدرة الفكر المؤسسي على بناء نموذج وطني في إدارة المرافق والخدمات أراد أن يثبت أن الأردن قادر على أن يُنتج إدارة محلية تنافس وتبتكر وتضبط إيقاعها بالجودة لا بالمصادفة .
ومَن يقرأ مسيرة الدكتور محمود وفيق الفريحات يدرك أن بداياته لم تكن اعتيادية فقد بدأ حياته في مجال الشؤون الدبلوماسية حيث تعلم هناك معنى التوازن ودقة المواقف ثم انتقل إلى العمل في الاتحاد البرلماني الدولي في أمريكا ووسط آسيا وهناك اكتسب خبرة التعامل مع التنوع الدولي ومهارة فهم السياسات العابرة للحدود قبل أن ينتقل إلى دولة الإمارات ليواصل عمله في ذات الاتحاد ويكتشف عن قرب كيف تتكامل التجربة المؤسسية مع الرؤية الاقتصادية .
ومن هناك بدأ التحول إلى القطاع الخاص والاستثمار فانتقل من موقع الموظف الدولي إلى موقع صانع القرار والمبادر فجلب الاستثمار وأسس مجموعة من الشركات التي امتدت جذورها بين الأردن والسعودية والإمارات وصربيا وتركيا وقطر والولايات المتحدة الأمريكية مؤمنًا بأن رأس المال الحقيقي ليس المال نفسه بل الفكر الذي يعرف أين يضعه وكيف يجعله يصنع أثرًا تنمويًا مستدامًا .
ويؤمن الفريحات بأن الاستثمار ليس غايةً بحد ذاته بل وسيلةٌ لتعزيز الاقتصاد الوطني ودعم رؤية التحديث الاقتصادي التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني رؤيةٌ تقوم على استقطاب الاستثمارات النوعية وتمكين الكفاءات الوطنية وتحويل الأردن إلى مركز إقليمي للازدهار والإنتاجية لذلك ظلّ يردد أن واجب كل مستثمر وطني أن يسهم في ترجمة الرؤية الملكية إلى واقعٍ ملموس يخلق فرصًا ويُنعش المجتمعات .
لكن ما يميز الرجل أكثر هو قدرته على الانتقال بين مساحاتٍ مختلفة دون أن يفقد توازنه فوجوده في المجلس السياسي لحزب الميثاق الوطني لم يكن صدفة بل امتدادًا طبيعيًا لعقليته التي ترى أن الاقتصاد لا يعيش في عزلة عن القرار السياسي هناك يجلس الفريحات من موقع المشارك لا المتفرج يحمل فكرًا يستند إلى التجربة لا التنظير وإلى رؤيةٍ تسعى لبناء توازن بين متطلبات التنمية ومقتضيات العدالة الاجتماعية .
ومن جهة أخرى فإن عضويته في الهيئة الاستشارية لجمعية البيئة تعبّر عن بُعدٍ آخر في شخصيته وعيه البيئي والإنساني فهو من القلائل الذين يتحدثون عن الاستثمار بلغةٍ تحترم الطبيعة وتفكر في أثرها قبل ربحها هذه النظرة المتزنة جعلته من الأصوات التي تنادي بضرورة إدماج البعد البيئي في المشاريع الاقتصادية باعتبار أن حماية البيئة ليست ترفًا بل شرطًا لبقاء أي تنميةٍ على قيد الحياة .
الحدث الأبرز مؤخرًا انتخابه عضوًا في الهيئة الإدارية لجمعية رجال الأعمال الأردنيين جاء تتويجًا لمسيرةٍ هادئة ولكن مليئة بالاحترام لم يأتِ من فراغ بل من تراكم الثقة والمصداقية مع مجتمع الأعمال كثيرون في هذا المجتمع يرون فيه صوت العقل والواقعية لا يغالي في الطموح ولا يرضى بالتقليدية رجل يعرف كيف يستمع وكيف يوازن بين الطموح الفردي والمصلحة الوطنية بين لغة الأرقام وروح الإنسان .
في أحاديث من يعرفونه يُقال إن محمود الفريحات لا يخطط فقط للمشاريع بل يزرع ثقافة ثقافة العمل المؤسسي الذي لا يقوم على الشخص بل على الفريق ولا يُقاس بيومٍ بل باستمرار الأثر لذلك فإن حضوره في مجال الاستثمار والسياحة والتنمية الاقتصادية والمجتمعية لم يكن نشاطًا متفرقًا بل نهجًا واحدًا يُعبّر عن قناعةٍ عميقة بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الداخل من الناس من المحافظات من الفرص الصغيرة التي تصنع التغيير الكبير .
وفي المشهد الأردني اليوم حيث تتزاحم التحديات الاقتصادية وتتعقّد الملفات يمثل الفريحات نموذجًا مغايرًا نموذجًا لرجلٍ لا ينتظر الظروف بل يصنعها ولا يطلب موقعًا بل يترك أثرًا أينما كان يجمع بين الانضباط الإداري والرؤية الاجتماعية وبين الحس الوطني والعقل الاقتصادي وحين يتحدث تشعر أن كلماته ليست مجاملة بل خلاصة تجربة طويلة في فهم علاقة الاقتصاد بالكرامة الوطنية .
قد لا يبحث محمود وفيق الفريحات عن الأضواء لكن التجارب الصادقة لا تبقى في الظل طويلًا لأنها ببساطة تفرض احترامها بالفعل لا بالتصريح هو من أولئك الذين يؤمنون أن الوطن لا يُبنى بالضجيج بل بالإصرار وأن النجاح لا يحتاج إلى إعلان بل إلى تكرارٍ هادئٍ ومخلصٍ للإنجاز .
وهكذا تبدو قصة محمود وفيق الفريحات أقرب إلى مسار وطني متكامل رجل جمع بين الفكر والعقل والإدارة والرؤية عرف كيف يصنع من التجربة مدرسةً ومن الفكرة مشروعًا ومن الإيمان بالوطن منهجًا في العمل يؤمن أن الأردن ليس مجرد وطن نعيش فيه بل فكرةٌ تستحق أن نعمل لأجلها كل يوم يؤمن أن بناء الاقتصاد هو بناء الكرامة وأن الطريق إلى المستقبل يبدأ بخطوةٍ صادقةٍ في الحاضر خطوةٍ تشبهه وتشبه كل أردنيٍ يرى في بلده مشروعًا للحياة لا مجرد مكانٍ للسكن .