بليغ حمدي.. عِشقٌ يُعزف ولا يُقال

26 ثانية ago
بليغ حمدي.. عِشقٌ يُعزف ولا يُقال

كتب د. عطا ابو الحاج بلسان الشاعر سامي المصري

الحكاية على لسان الشاعر و عازف الكلمات

أنا الشاعر…
من تتكئ القصائد على كتفيه،
وتذوب القوافي في صدره حين يمر طيف الحب…
واليوم، لستُ أكتب عن امرأة،
ولا عن فجرٍ قد جاء بعد ليلٍ طويل،
بل عن رجلٍ… حين مرّ على وترٍ، أنطقه عشقًا، رجلٍ لا يُشبه سواه… اسمه بليغ حمدي.

كنت صغيرًا…
أسترق السمع من خلف باب الراديو القديم، وأبكي دون أن أفهم لماذا هذا اللحن يُحركني؟
لماذا تلك الأغنية تُحاصر قلبي دون استئذان؟

حتى عرفت اسمه…ذاك الذي لا يُلحن بل يُعانق النغمة، ذاك الذي لا يكتب لحنًا… بل يسكب قلبه في كل نغمة.

بليغ…
كان عاشقًا، والفرق بينه وبين العشاق، أنهم كانوا يكتبون رسائل حب، أما هو… فكان يُلحنها.

كانت ألحانه صلاة، وكان صمته موسيقى، وكان حزنه يُعزف على ملامحه قبل أن يصل العود إلى صدره.

رأيته يومًا حبيب وردة، كان جالسًا يُغني وحده، في عتمة الليل، لا جمهور، لا تصفيق،
فقط رجلٌ يعزف على أوتار روحه…وكأن الكون كله يستمع.

بليغ لم يكن فقط ملحنًا، بل كان الحبيب الغائب الحاضر، كان الحُلم الذي عبر قلوبنا على هيئة أغنية.

يا من تسمعني الآن…
إذا مَرَّ بك لحنٌ فأبكاك،
فربما كان من أنامله.

وإن لامستك كلمة في أغنية
فأعلم أنها كانت أنثى بين ذراعيه ثم رحلت، فخلّدها لحنًا لا يموت.

بليغ يا سادة، لم يكن فقط رجلاً في زمن الفن، بل كان زمنًا وحده، زمنًا يُقاس بالأغنية،
بصرخة أم كلثوم في “حب إيه”،
بدمعة عبد الحليم في “سيرة الحب”، وبابتسامة وردة حين قال لها “أكذب عليك”.وردت عليه فكان حبهما دامي ويؤخذ على بليغ أنه بوهيمي كما قالت وردة وليس اسير الجناحين ولا يتحمل مسؤولية الزواج ومع هذا لامن نفسها وقالت كان يوميا يشتري لي الورد وما فهمته جيد ودخلا الاثنان في حالة اكتئاب وفارقا الحياة لاحقا

بليغ…
ما أعظمك!
حتى الألم بين يديك كان يُغني،
وحتى الحب حين يرحل… كان يعود إليك ليتلحّن.

أنا الشاعر…
وقد كتبتُ كثيرًا، لكنني اليوم… أقف عاجزًا أمام رجلٍ
لم تمنحه الحياة إلا الوجع،
فأهدى العالم البهجة…

رحلتَ يا بليغ،
لكن نغمتك ما زالت تعيش،
تربّت على قلوبنا، وتُذكرنا أن الحب كان هنا، وكان اسمه… بليغ وله من اسمه نصيب فكان عفريتا.