الدكتور محمد الهواوشة يكتب: جعفر، هل تدري عن وضحى؟ وكم وضحى في الأردن؟

29 نوفمبر 2024
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: جعفر، هل تدري عن وضحى؟ وكم وضحى في الأردن؟

الدكتور محمد الهواوشة :

على زاوية طريق عام، بين الرياح الباردة والشتاء القاسي، تقف الحاجة وضحى، امرأة تجاوزت السبعين، تمسك بقوت يومها بين أكوام الفواكه والخضروات التي تبيعها بشقاء. وضحى، التي أنهكتها السنون وفقدت عائلتها، تعيش وحيدة، تكابد المرض والفقر. راتبها من الشؤون الاجتماعية 43 ديناراً فقط.

كيف يكفي هذا المبلغ لدفع فواتير الكهرباء والماء؟ كيف تسدد إيجار البيت؟ كيف تؤمن دواءها وطعامها؟

حينما سألها المذيع: “قديش تحبي الأردن يا حجة؟” أجابت بصوتها الهادئ: “الله يحفظ الأردن والملك وجيشه وينصر أمة محمد.” كلماتها تحمل حباً للوطن برغم أنه لم ينصفها. حباً من نوع خاص، يولد من عمق الإيمان والانتماء.

ولكن، يا جعفر، وضحى ليست حالة فريدة. هي مرآة لآلاف الأردنيات والأردنيين الذين يعيشون نفس القصة. كم وضحى يقفن في الأسواق أو على الطرقات؟ كم وضحى ينتظرن الفرج؟

الفقر مسؤولية الجميع

ألم يقل الخليفة العادل عمر بن الخطاب: “لو تعثرت بغلة في العراق، لكنت خفت أن يسألني الله عنها: لم لم تصلح لها الطريق؟” فكيف بنا ونحن نرى وضحى وغيرها يعانون، دون أن نتحرك لإصلاح أحوالهم؟

الدولة لا تفتقر للمساعدات، لكن السياسات الحالية لم تعالج جذور الأزمة. الفقر ليس مجرد أرقام وإحصاءات؛ إنه واقع يعيشه إنسان، له كرامة وحق بالحياة الكريمة.

ما الحل؟

1. رفع الحد الأدنى للمعونات الاجتماعية
43 ديناراً لا تكفي. يجب إعادة النظر في الحد الأدنى للرواتب والمعونات ليتماشى مع تكاليف المعيشة المتزايدة.

2. تقديم دعم شامل
برامج المساعدات يجب أن تشمل علاجاً مجانياً، تغطية إيجار السكن، وتوفير وسائل مواصلات مجانية أو مدعومة.

3. تعزيز فرص العمل

مشاريع صغيرة: تمويل برامج لتشغيل الفقراء والمسنين في مشاريع محلية مستدامة.

وظائف مناسبة للمسنين: خلق فرص عمل تناسب كبار السن وتضمن لهم مصدر دخل.

4. مكافحة الفساد وضمان الشفافية
الفساد يستنزف موارد الدولة التي يمكن توجيهها للفئات الأشد احتياجاً. يجب تعزيز المحاسبة والشفافية لضمان وصول الدعم لمستحقيه.

5. نشر ثقافة التكافل الاجتماعي
يجب تشجيع المبادرات المجتمعية والجمعيات الخيرية لتكون داعماً حقيقياً بجانب الحكومة، وتعزيز شعور الأفراد بمسؤوليتهم تجاه المحتاجين.

رسالة مفتوحة

يا أصحاب القرار، الحاجة وضحى ليست مجرد قصة تُروى. هي نداء لكل ضمير حي. هي صوت الفقراء والمهمشين الذين يستحقون حياة كريمة. لن يُغفر لنا إذا وقفنا متفرجين.

في وطن يرفع شعارات العدالة والكرامة، يجب أن نحقق هذه القيم على أرض الواقع. من سيُحاسب عن وضحى يوم القيامة؟ سؤال يوجه لنا جميعاً: الحكومة، المؤسسات، وحتى الأفراد.
لننقذ وضحى، ولنُعيد لكل مواطن حقه في حياة كريمة