وطنا اليوم _بقلم الدكتور هشام العميان_مع التطور السريع في استخدام التكنولوجيا، أصبح الإنترنت عنصراً محورياً في حياة الأطفال والمراهقين، حيث يوفر لهم وسائل للتعلم، والترفيه، والتواصل. إلا أن هذا التوسع الرقمي يرافقه تحديات ومخاطر تتطلب استجابة واعية من قبل الأهل والمجتمع على حد سواء، لضمان حماية الأطفال وتوفير بيئة رقمية آمنة تمكنهم من الاستفادة من فوائد الإنترنت دون الوقوع في فخاخ أضراره.
إن حماية الأبناء من مخاطر الإنترنت مسؤولية لا تقتصر على الأهل وحدهم، بل هي واجب تشاركي يشمل المؤسسات التعليمية والمجتمع بأسره. يبدأ هذا الدور بالتوعية المستمرة حول الأخطار المحتملة التي يواجهها الأطفال، مثل التعرض لمحتوى غير ملائم، أو التنمر الإلكتروني، أو الإدمان الرقمي. التواصل الصادق والمفتوح مع الأبناء حول هذه المخاطر يتيح لهم طلب المساعدة عند الحاجة، ويعزز شعورهم بالأمان والثقة.
إن تحقيق بيئة رقمية متوازنة يتطلب وضع ضوابط واضحة ومحددة لاستخدام الإنترنت. على الأهل تحديد ساعات معينة لاستخدام الأجهزة الرقمية، مع تشجيع الأنشطة التي تنمي مهاراتهم الاجتماعية والشخصية، مثل القراءة، وممارسة الرياضة، وقضاء الوقت مع الأسرة. كما يجب الاستفادة من تطبيقات الرقابة الأبوية التي تساعد في تحديد المحتوى المناسب للأطفال ومنعهم من الوصول إلى المواقع غير الملائمة.
أحد العناصر المهمة في هذه الجهود هو تعليم الأبناء مبادئ الخصوصية الرقمية. يجب توجيههم بعدم مشاركة المعلومات الشخصية أو الصور مع الغرباء، والتعامل بحذر مع أي محتوى غير موثوق. كما يُعتبر تعزيز التفكير النقدي لدى الأطفال أداة فعّالة تساعدهم في التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة التي قد يواجهونها على الإنترنت.
التوازن بين استخدام الإنترنت والحياة الواقعية هو مفتاح النجاح في بناء علاقة صحية للأطفال مع العالم الرقمي. يجب أن يحرص الأهل على تعزيز الأنشطة التي تبعد الأطفال عن الشاشات، مما يمنحهم فرصاً أوسع لتطوير شخصياتهم ومهاراتهم الحياتية.
في الختام، إن حماية الأبناء في العصر الرقمي ليست بالمهمة السهلة، لكنها أيضاً ليست مستحيلة. من خلال التوجيه المستمر، والحوار البناء، واتخاذ التدابير المناسبة، يمكن للأهل تمكين أطفالهم من الاستفادة من الإنترنت بشكل آمن ومسؤول، مما يسهم في بناء جيل واعٍ قادر على الاستفادة من التكنولوجيا دون التعرض لمخاطرها.