الأقتصاد الرقمي والريادة

18 أكتوبر 2020
الأقتصاد الرقمي والريادة

بقلم : رائد سليمان الخشمان

جميل أن يكون لدينا وزارة للأقتصاد الرقمي والريادة بطاقم كامل: وزير وأمين عام وموظفي استقبال ومختصّين بتكنولوجيا المعلومات، ومؤسف أنني كمواطن حالي كغالبية الأردنيين لا نعرف ما المهمات والأعمال التي تقوم بها هذه الوزارة للمساهمة في بناء الوطن وتنظيم قطاع الاعمال وتكنولوجيا المعلومات، ألسنا جديرين بمعرفة ذلك طالما أن موظفي هذه الوزارة يتمتعون بالامتيازات الوظيفية من جيوبنا كمواطنين ودافعي ضرائب؟! نستطيع أن نرى إنجازات هذه الوزارة بكوادرها المختلفة من خلال تتبّع أثرها على الأرض – فالبعرة تدلّ على البعير. يا تُرى لو كان عندنا على أرض الواقع وزارة اقتصاد رقمي وريادة، هل كنّا سنعاني من عدم استيعاب منصّة الكترونية لعودة المغتربين، لتتوقّف تماماً عن استقبال تسديد تكاليف الطيران والحجر بسبب عدم قدرتها على استيعاب عدد المتقدمين ورداءة المنصّة من الناحية التقنيّة، فيضطر المواطنين للوقوف على الدوار السابع في طوابير لتسديد التكاليف يدوياً (كاش)؟ لو كان لدينا فعلاً وزارة اقتصاد رقمي وريادة، هل كنا سنعاني من ضعف الانترنت والبنية التحتية للشبكة العنكبوتية في عموم أنحاء المملكة، ونحن نحاول تعويض غياب ابناءنا الطلاب عن المدارس بمنصات التعلّم عن بُعد؟ لو كان عندنا وزارة اقتصاد رقمي وريادة حقيقية، وتستقطب أمهر أبناء الاردن في هذا المجال (وليس أبناء الذوات المُنظمّين بالواسطة للاستفادة من الأمتيازات الوظيفية)، هل كنا سنعاني من مواقع الكترونية بدائية للجامعات والوزارات والدوائر الحكوميّة لا تقدّم المعلومة الوافية، وتعاني من رداءة العرض ونقص المحتوى؟

تخيّلوا معي يا رعاكم الله أنه يوجد عشرات الآلاف من الشركات الخاصة في مختلف المجالات في جميع انحاء العالم لديها مواقع الكترونية على مستوى عالي جداً وتستوعب أعداداً كبيرة في نفس الوقت، وتمكّنهم من الشراء والدفع الالكتروني عن طريق الموقع وبكل سهولة ويُسر. ونحن لدينا وزارة متخصّصة تعجز عن انجاز موقع الكتروني واحد يمكّن الناس من انجاز معاملاتهم في زمن كورونا دونما الحاجة للخروج من البيت. كما حصل في منصة المغتربين، وكما حصل أثناء تقديم طلبات الجامعة خلال الصيف المنقضي، وخاصة المغتربين وأنا أحدهم، حيث لجأنا لارسال الأوراق لمعادلة شهادات أبناءنا عن طريق DHL لعدة مرات ذهاباً وأياباً وبتكاليف باهظة جداً، صاحبه قلق وخوف من إنقضاء مهلة التقديم بسبب الوقت المستهلك في الشحن، ألم يكن من الأجدر أن توفّر لنا وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة منصة الكترونية وتتقاضى من خلالها رسوماً تشكّل دخلاً جيداً للخزينة ولموازنتها، بدلاً من المعاناة وهدر الوقت والمال والاحراج الذي أختبره غالبيتنا مع أهاليهم وأصدقائهم؟!

أنا لست ضد الحداثة وتطوير خدمات القطاع العام، ولكن ما فائدة وزارة موجودة على الورق فقط – مثلها مثل وزارة التخطيط – ولا وجود لها على أرض الواقع لأداء الخدمة المتوقّعة للمواطنين؟ أتمنى على الحكومة الجديدة نشر انجازات الوزارات في نشرة شهرية أو ربعيّة لكل وزارة، وقبل ذلك نشر مهام ومسؤوليات وحجم كادر كل وزارة من الوزارات المشُكّلة على موقع الكتروني محترم لرئاسة الوزراء ليشكّل مرجعية للمواطنين والباحثين. وأتمنى أن تستفيد وزارة العمل بوزيرها الطموح الجديد من امكانيات وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة في رصد أعداد العاملين في الوطن من أبناءه، واعداد العمالة الوافدة، والباحثين عن عمل، من خلال تأسيس قاعدة بيانات للوزارة ترتبط بوزارة الداخلية والمراكز الحدودية والمطارات، كي يكون المسؤولين قادرين على تحديد مدى التقدّم أو التراجع في هذا القطاع المهم. وهذا سيخدم الجميع، فأنا كباحث عن العمل أستطيع الدخول الى الموقع ومشاهدة الوظائف التي تتطابق مع مؤهلاتي، وأتواصل مع الجهات المعلنة، وكمستثمر سأقوم بعرض الوظائف التي أحتاج اليها في منشأتي وهكذا. ونفس النظرية تنطبق على باقي الوزارات، نحتاج قواعد بيانات محدّثة بإستمرار لكل مؤسسات الدولة كي نعرف أين نقف.

ان وجود قسم لهذه الوزارة، أو تأسيس قسم الكتروني متخصص تابع لكل وزارة أو مؤسسة هو ضرورة، بحيث يتم تأسيس قواعد بيانات تخدم جميع المؤسسات، فالشرطي يكون عنده قاعدة بيانات بأصحاب السوابق والمجرمين والمخالفين، ويستطيع رصد تحركاتهم من خلال نقاط الرصد الأمنية المنتشرة في البلد، والمستثمر يكون لديه مرجعيات الكترونية محدّثة تشتمل على كافة تعليمات وقوانين الاستثمار يلجأ اليها عند التفكير في تأسيس عمل ريادي في المجال الخاص به، والمغترب يستطيع تسديد ما عليه من ضرائب وانجاز ما يحتاج من معاملات الكترونيّاً ودون أي تأخير، والباحث عن عمل يستطيع متابعة فرص العمل والتقدّم لها. آن الأوان أن يتم استثمار البيانات وتبويبها لخدمة القطاعات الحكومية والخاصة، لتسهيل حياة الناس وللأستفادة من التقدم التكنولوجي، وتسخيره لخدمة الوطن ولترشيد النفقات، واختصار الكثير من الأجراءات الروتينية البيروقراطية، من أجل المساهمة في تسريع الانجاز والاستثمار لتطوير الاقتصاد ودفع عجلة التنمية.