لنا الأفكاك ولغيرنا الصعودُ نحو الأفلاك

21 يناير 2024
لنا الأفكاك ولغيرنا الصعودُ نحو الأفلاك

د. عادل يعقوب الشمايله

مجموعةُ الأفكاكِ (جمعُ فك) التي كشرت عن أنيابها الضبعيةِ الطبعِ والفتكِ والمسلك صَوبَ العالم العربي من كافة الاتجاهاتِ تَضُمُّ الدول التالية: الكيان الصهيوني، ايران، تركيا، اثيوبيا، الهند، الولايات المتحدة الامريكية وعجائز اوروبا الثلاث.
كُلُّ دولةٍ من دول هذه المجموعة الأَشِرَةِ تتوثبُ لتنهشَ جزءاً من لحمِ الرجلِ المريض (العالم العربي). ليس بينها صديقٌ للرجل المريض ولا حليف، لأن الصداقةَ وكذلكَ التحالفَ يُرَتبانِ أعباءَ. فما هو دافعُ القويِّ لِتحملِ أَعباءَ لصالح الضعيفِ طالما انهُ يستطيعُ الحصولَ على بغيتهُ منهُ بالأمر أو بالنهرِ او بالزجر او بالاستخفاف أو بالتحقير بدونِ ثمنٍ او مسؤوليةٍ.
مُنذُ ألفِ عامٍ والنيرُ منصوبٌ على رقبةِ العربِ من غيرِ العرب. تَدَاوَلهُمْ حُكمُ الغرباءِ ومعظمهم من المُتخلفين الهمج كما يتمُ تداولَ الحيواناتِ في اسواق الماشية أو تداولَ العبيدِ في اسواق النخاسة. حتى العبيدُ (المماليك واكفور الاخشيدي) حكموا العرب.
وهاهم العربُ ومنذُ منتصفِ القرنِ العشرين يتداولُ حُكمهم من هم اسوأ من العبيد وأفدحَ من المستعمر. عساكرُ لا يتقنونَ سوى اداءَ التحيةِ وتنفيذَ أمر الى اليمين دُر الى الشمال دُر، ولا يتقبلون في ادارة الأمورِ الَّا زوجينِ من الكلمات: امرك سيدي، و نفذ ثم ناقش. عساكر يَدْعونَ أنهم الأنزهَ والأكثرَ وطنيةً وأنهم يعرفونَ ويتقنونَ كُلَّ شئ بما في ذلك ادارة الدول فأثبتت التجاربُ تجردهم من جميع تلك الصفات. فلم ينجم عن حُكمهم (وَهُمُ العسكرُ) سوى الهزائم العسكريةِ وضياع الأوطانِ ونهبِ المواردِ ولجوءِ الملايين خارجَ اوطانهم والإهانةَ للعربي ووصمهِ بالارهابي أينما حَلَّ أو ارتحل.
في ظلِ هذا الوضعِ كيفَ نأمنُ على وطننا وحاضرِ ومستقبلِ شعبنا اذا لم نستعدَ بأكثرِ الأساليبِ الدفاعيةِ فعاليةً وكفاءةً وليسَ أعلاها كُلفةً واقلها فاعليةً وكفاءة.
لم يستطع الأردنُ في الماضي وأحسبهُ لن يستطيعَ في الحاضر لأسبابَ ماليةٍ وبسببِ سياسةِ الاحتواءِ والضبط والربطِ والتحكم من قِبَلِ مُصدري الاسلحة أن يتجهزَ بأسلحةٍ نوعيةٍ تُكافئُ ما هو متوفرٌ ومُتاحٌ لعدو الاردن الاول وهو الكيانُ الصهيوني الغادر الطامع. ولذلكَ، يتوجبُ التحولُ الى البديل الممكن وهو القوات الشعبيةُ على هيئةِ حرسٍ وطني بحيث يكون هو قوةَ الردعِ الرئيسيةِ وأن يكونَ الجيشُ وبقية الاجهزة الامنية داعمةَ له. القواتُ الشعبيةُ هي التي هزمت القوتين الاعظم الاتحاد السوفيتي وامريكا في افغانستان، وهزمت امريكا في فيتنام، وهاهي تهزمُ اسرائيل في غزة. أما الجيوشُ التقليديةُ فقد خبر العربُ والعالمُ وإسرائيلُ أدائها في مهزلة ١٩٦٧ وخيبة ١٩٧٣.
على الجانبِ الغربي لنهر الاردن شعبٌ يمينيُ التوجهِ، متعصبٌ، كارهٌ مغرورٌ سفيهٌ استعلائي. شعبٌ عدوٌ انتخبَ المرة تلو الاخرى حكوماتٍ يمينيةٍ حاقدةٍ عدوانيةٍ متعجرفةٍ حمقاء. ودليلُ ذلكَ أنه على مدى عقودٍ يرأسُ هذهِ الحكوماتِ المجرمُ نتن ياهو مؤلفَ كتاب “مكان تحتَ الشمس”. في هذا الكتاب عبر نتن ياهو عن عقيدتهِ التوسعية وعن رؤيته للمنطقة. وقد أبانَ بوضوح أنَّ الأردنَ جزءٌ من ارض اسرائيل بموجب وعد بلفور سرقتهُ بريطانيا وانشأت عليه الكيان الاردني. لذلكَ فإنَّ استعادة هذا الجزءِ المغتصبِ من ارضِ اسرائيل لهُ الأولويةُ على توسعِ الكيان الصهيوني ليصلَ الى حدودهِ التي رسمتها الخرافات التوراتية من النيل الى الفرات.
حكومةُ الكيانِ الصهيوني الحاليةِ التي تضمُ يمين اليمين، شِللٌ من الارهابيين والمجرمين الذين لا يخفون اطماعهم ويتباهون باجرامهم وجرائمهم ويقيمون مزاداً يوميا لقتل الفلسطينيين وتدمير مساكنهم وجامعاتهم ومدارسهم ومستشفياتهم تُمَثّلُ حالةَ اعلان حرب على الاردن منذُ الإعلانِ عن تشكيلها. حربٌ قيد التنفيذِ الآن حيث سيتمُ تهجير سكان المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية الى الاردن يلي ذلك تهجيرُ سكانِ المدن والقرى، وفي مرحلةٍ لاحقةٍ سيتمُ إشعالَ فتنةٍ مخططة ومدعومة من اسرائيل بين مكونات سكان الاردن تكونُ الفتنةُ اللبنانيةُ والفتنةُ في العراق مجردَ model نموذج ٍ لها . هذه الفتنةُ المرتقبةُ ستكونُ المدخلَ والمبررَ لتدمير الاردن وترحيلِ سكانهِ خبط عشواء بحجة الدفاع الاستباقي عن النفس ضد الارهابيين في شرق الاردن.
وفي الوقت نفسه، على الاردن ان لا يغفل عن عدوٍ محتمل متربص من ضمن المجموعة الاشرة وهو ايران التي تتمركز قواتها ومليشياتها شمال الاردن على ارض سوريا العربية المحتلة.
لُعابُ ايران يسيل لابتلاع الاردن لتتمكن من تحويل الهلال الشيعي الفارسي الى دائرة شيعيةٍ مكتملةٍ عندما تصلُ ميليشياتها شمال البحر الاحمر الذي تمكنت منذ سنوات من السيطرةِ على جنوبه ومدخله فيتحققَ لها تطويقُ الجزيرة العربية من كافة الاتجاهات.
حالُ الشعوبِ العربيةِ تُعبرُ عنها ابياتُ هذه القصيدة للشاعر المتنبي:
لا اِفتِخارٌ إِلّا لِمَن لا يُضامُ
مُدرِكٍ أَو مُحارِبٍ لا يَنامُ
لَيسَ عَزماً ما مَرَّضَ المَرءُ فيهِ
لَيسَ هَمّاً ما عاقَ عَنهُ الظَلامُ
وَاِحتِمالُ الأَذى وَرُؤيَةُ جانيـ
ـهِ غِذاءٌ تَضوى بِهِ الأَجسامُ
ذَلَّ مَن يَغبِطُ الذَليلَ بِعَيشٍ
رُبَّ عَيشٍ أَخَفُّ مِنهُ الحِمامُ
كُلُّ حِلمٍ أَتى بِغَيرِ اِقتِدارٍ
حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيها اللِئامُ
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ
ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ.