العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : حين غابت أفراح رأس السنة عن الأردن .. رسالة الى “صمود” فلسطين وإلى “ضمير” العالم

1 يناير 2024
العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : حين غابت أفراح رأس السنة عن الأردن .. رسالة الى “صمود” فلسطين وإلى “ضمير” العالم

حتى في تهانيهم، كانت فلسطين وغزة، الحاضر الوحيد بين الأردنيين، فلا من “هاتف” كان يخلو من تهنئة تقول : كل عام وفلسطين إلى الحرية أقرب.
وفي الشوارع، ودّع الأردنيون العام المنصرم بمظاهرات ووقفات احتجاج تناصر أهل غزة وفلسطين، وكان الهتاف أن الحرية للفلسطينيين وحقهم في العيش بكرامة وبدون دماء.
وفي بيوتهم، كانت ليلة رأس السنة، ليلةً للدعاء لأهل فلسطين وغزة بأن يخلصهم الله من كل هذا الظلم والقتل والتشريد والدماء الذي تمارسه ضدهم آلة احتلال غاشم قاتل، وسط سكوت العالم المُدّعي بمناصرته للحرية وحقوق الإنسان، فيما كشفت مأساة غزة كذبه.
هذا كان حال الشعب الأردني في ليلة رأس السنة التي ودع فيها عاماً من الحزن ورائحة الدم ومشاهد القتل والتدمير، فعن أي احتفالات تتحدث وأنت في الأردن، هذا البلد الذي يشهد التاريخ بأنه كان أول من يناصر الحق العربي والإسلامي في أي بلد كان، فكيف إذا كانت المأساة تجري فصولها في أرض الشعب الشقيق “التوأم”، في فلسطين الحبيبة العزيزة، ففي الوطن الثاني ستجد بيوتاً فُتحت للتعزية بشقيق أو ابن عم أو قريب، فهل من بيت أردني يخلو من صلة دم بفلسطين؟!
في العالم كانت تُطلق الألعاب النارية وتُطلق صيحات الفرح وأصوات المُغنّين، أما في عمان فكانت تُذرف الدموع، وتُرفع الأكُف صوب السماء بأن ينصر الله الفلسطينيين.
الملكة رانيا العبدالله اختصرت المشهد الأردني وعبرت عما يجول في خواطر الأردنيين عندما نشرت تقول : من المستحيل الاحتفال بالعام الجديد علماً أنه سيبدأ كما ينتهي هذا العام، بذات المعاناة التي لا توصف في غزة.
وأضافت الملكة : ألقى عام 2023 بظلاله القاتمة على الإنسانية .. أدركنا أن بعض الأرواح تبدو وكأنها أقل قيمة، وأن القوانين والمبادئ الدولية هي امتيازات للبعض وليست حقوقاً للجميع، لكن وسط هذه الظلمة سلّط العام 2023 ضوءاً على آلاف أمثلة الصمود والإيمان والبطولة والتضحية، على أشخاص رفعوا صوت الحقيقة في وجه القوة، وملايين احتجوا في الشوارع وعلى منصات التواصل من أجل آخرين لا يعرفونهم.
وختمت الملكة تقول : اخترت أن أجد الأمل بهذا النور، والإيمان بقوة الخير البشري .. وأدعو الله أن يمنحنا عاماً يحمل السلام لنا جميعاً.
ومن جانبه، فقد نشر ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني جملة واحدة تقول : “غزة تُعلّم العالم كل يوم”، وأرفق الأمير هذه الجملة المختصرة بمشاهد من معاناة الغزّيين تُترجم حقيقة ما يجري وتروي كل الحكاية .. حكاية القتل والتنكيل والهدم والتدمير والتخريب.
في بيوتهم، جلس الأردنيون ليلة رأس السنة، وعلى خدودهم سالت دموع الحزن، وفي شوارعهم صدحت حناجرهم باسم فلسطين وغزة، ونددت بصمت العالم، بل وربما بشراكة كثيرين منه في هذا العدوان الغاشم، وهذا الحال لن يتبدل سواء في عيد قادم أو في أية مناسبة، فالأردني اعتاد أن يفرح مع فلسطين وأن يحزن معها، ولا يسقط من ذاكرتنا أولئك الذين ألغوا حتى أفراح أبنائهم حين بدأت آلة القتل تُنكل بأهل غزة وبمساجدها وكنائسها ومستشفياتها ومدارسها، وبِدور العجزة فيها، والحال سيبقى هو الحال إلى أن يرفع الله الظلم عن غزة وعن كل فلسطين الحبيبة وحتى ترى نور العدالة وقد أضاءت كل بيوتها، وإلى أن يعيش الفلسطيني بعدالة وكرامة، وفي أرضه وبيته الآمن كما هو حال كل أهل الدنيا.
ما جرى في ليلة رأس السنة بالأردن، ليس إلا رسالة تُضاف الى كل الرسائل الأردنية التي أبرق فيها، عاجلاً، الى كل أصحاب القرار العالمي، تلك الرسائل التي بدأت على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد العربي المسلم الذي صدح بصوت الحق وحذّر هؤلاء من استمرار الظلم، ووضعهم أمام مسؤولياتهم التاريخية وهو يحدثهم عن ازدواجية معاييرهم في حقوق الإنسان وفي صون الدم الإنساني، وقال لهم بكلام واضح إنهم يفرقون بين دمٍ وآخر، وأن المواطن العربي في آخر حساباتهم، وأن هذا لن يأتِ الى العالم بأي استقرار وبأي أمان وسلام منشود.