المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
يبدو واضحاً أنّ النظام السياسي الإيراني إتخذ قراره بالإنتقال إلى مرحلة المواجهة الفعلية ضدّ إسرائيل بعدما صعّدت الأخيرة هجماتها ضدّ غزة لاسيما بعد المجزرة التي أرتكبها جيش الأحتلال الإسرائيلي ضدّ المستشفى الأهلي المعمداني وتدمير الكنيسة المعمدانيه يوم الثلاثاء الماضي.
الطامة الكبرى تكمنُ في الدعم المطلق الذي تلقته إسرائيل من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي زارها أمس الأربعاء، حيثُ اتهم صراحة الفصائل الفلسطينية بإرتكاب جريمة مستشفى غزة، الأمرُ هذا شكّل تحدياً أميركياً كبيراً للأصوات العربية المناهضة لجرائم الأحتلال الإسرائيلي، فيما كان واضحاً إصرار بايدن على إستكمال دعم إسرائيل والذهاب أبعد نحو رفع شعار إنهاء حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
أمام هذه المعطيات الجديدة والتصريحات المستفزة من بايدن، يمكن القول إنّ المعادلات في المنطقة باتت تتغير، فالصراعُ بات يحتدمُ أكثر وما يبدو هو أنّ الصدام الأميركي – الإيراني بات يتجلى مباشرة على أرض غزة وليس على الأرض اللبنانية بعدما كان منتظراً حدوثه جنوب لبنان خلال الفترة السابقة، وما يُثير الريبة أكثر هو آفاق المواجهة التي ستندلع بين طهران وواشنطن، فيما تدور التساؤلات عمّا إذا كانت رقعة الإشتباك ستتوسع لتشمل مُختلف الجبهات وأبرزها من لبنان.
والسؤال كيف ستتحرّك إيران ..؟
تتحدثُ مصادر متخصصة بالشؤون العسكريّة والأمنية عن تصعيدٍ إيراني مُحتمل يتمثلُ بزيادة عدد الجبهات ألتي ستُرهق إسرائيل من دون الذهاب إلى مواجهةٍ مفتوحة بشكلٍ فوري، الأمرُ هذا قد يحصلُ من داخل أراضي فلسطين المحتلة، كما أنّ هناك جبهاتٍ عديدة يمكن أن تُترجم السخط الإيراني على الدعم الأميركي من جهة، وعلى العدوان الإسرائيلي المتمادي في غزّة من جهة أخرى، لهذا السبب وغيره، من الممكن أن تشهدَ المواجهة تكريساً لإستهدافاتٍ جديدة تساهم في شلّ إسرائيل حيوياً، وقد يتطور الأمرُ إلى قصف المرافق الأساسية والحيوية ألتي تعتبرها إسرائيل من الخطوط الحمراء بالنسبة لها، الأمرُ هذا يُعدُّ مفصلياً بالنسبة لطهران، كذلك من الممكن أن يتخذ التصعيد منحى أخر خارج إطار فلسطين المحتلة وبعيداً حتى عن لبنان، فالمصالح الأميركية في الخليج قد تكونُ مهدّدة حتى أنّ السفارات الإسرائيلية والأميركية قد تكونُ تحت مرمى الإستهداف إن اتخذت إيرانُ القرار بالمواجهة بالتنسيق مع وكلائها وحلفائها في أكثر من نقطة.
” جبهة جديدة غير محسوبة قد تفتح ”
وفي ظلّ المشهديّة “المُبهمة” عسكرياً وأمنياً وميدانياً، يمكن أن تأتي كل التحركات غير المباشرة ضد إسرائيل وأميركا في أكثر من منطقة بالتوازي مع فتح جبهةٍ جديدة غير مفتوحة قد تكون من الجولان السوري، فمثلما تفاجأت تل أبيب بهجوم ” حماس ” فجر يوم السبت 7 تشرين أول/ أكتوبر وإقتحام المستوطنات، من الممكن أن تكون الجولان الجبهة الخفية ألتي قد تُشكل المفاجأة العسكريّة، وقد تكون الضربات التي قد تأتي لاحقاً مُوجعة جداً، هنا ، يمكن البحث عن دورٍ لـ”حزب الله ” في هذا الإطار، وقد يكون التنسيق الإيراني – السوري الذي حصل مؤخراً بشكل مباشر عقب زيارة عميد الدبلوماسية الإيرانية وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق الأسبوع الماضي قبل زيارته لبيروت، مُقدّمة لفتح تلك الجبهة التي قد تغير الكثير من المعادلات والحسابات.
وفي حال حصل ” سيناريو ” الجبهة الجديدة الجولان، عندها يمكن القول إنّ إسرائيل باتت تواجهُ ثقلاً كبيراً ومأزقاً خطيراً يتمثل بتشتيتٍ لقوتها العسكرية على أكثر من جبهة، الخطوة هذه أساسية بالنسبة لـ” محور ما يسمى المقاومة ” وإيران، وبالتالي قد يساهم هذا الأمر في تخفيف الضغط عن غزة.
” حزب الله ” ماذا عنه ..؟
حالياً أقول كمراقب ومتابع للشأن الإيراني واللبناني ، فإنّ ” حزب الله ” ما زال يتعاطى مع التطورات ضمن قواعد الإشتباك المرسومة منذ العام 2006، لكنّ ما يتبين هو أنّ الحزب بات يُكثف إستهدافاته للمواقع العسكريّة الإسرائيلية في أكثر من منطقة خارج حدود مزارع شبعا المحتلة ألتي يرى حزب الله أن لديه الحق القانوني والشرعي في التحرّك ضمنها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إستهدف الحزب أمس الأربعاء، موقعاً إسرائيلياً في رأس الناقورة كما أستهدف موقعاً آخر في مستعمرة المطلة، ما يتبين من ذلك هو أنّ العمل على توسيع بنك الأهداف مستمرٌ ومتواصل وبات يخرجُ من إطار الإستهداف المحدود أو الردّ على الرد.
وعليه، يمكن القول إنّ حزب الله بات في موقع المبادرة والهجوم بعدما كان يتخذُ وضعية الدفاع والرد على أي إعتداء إسرائيلي .. والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا : هل ما يجري يُمهد لتوسع الجبهة أكثر ..؟ وهل أتخذ القرار في إيران بإشتعال كافة الحدود ..؟
الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة.