قراءة| التخطيط المالي.. ودوره في الإدارة الاستراتيجية واتخاذ القرار .

16 يوليو 2023
قراءة| التخطيط المالي.. ودوره في الإدارة الاستراتيجية واتخاذ القرار .

كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة

وطنا اليوم: كانت الإدارة الاستراتيجية فيما مضى محصورة على الشركات الكبرى كمثل شركة جنرال موتورز، ومجموعة بوسطن الاستشارية، واشباههما؛ لكن وبمرور الوقت بدأ هذا المصطلح يصبح أكثر شيوعا، وباتت الشركات المهتمة بما يدور حولها أكثر وعيا في أن البيئة الخارجية متقلبة، بل إنها شديدة التقلب والخطورة، فبدأت تدرس هذا المصطلح عن كثب، وتسعى للعمل من خلاله للحفاظ على القدرة على المنافسة.

المديرون المحترفون يفهمون جيدا أن الإدارة الاستراتيجية الناجحة تمر بمراحل، وبدون هذه المراحل لايمكن الحكم بنجاح إدارتهم. ويعلمون أن التخطيط المالي عنصر أساسي لنجاح أي منظمة. فعن أي إدارة استراتيجية ناجحة نتحدث إن لم يكن ثمة تخطيط مالي ناجح.
إن غياب التخطيط المالي الناجح يعني العشوائية في العمل والمزيد من الخسائر.

لاينبغي أن نستهين بالخطة المالية، فنجاحها أو فشلها مسألة حياة أو موت.

وقد تستغرب إن قلت لك أن شركة جنرال موتورز -والتي تعد اليوم صانعة السيارات الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية – قد مرت بأخطر مرحلة في تاريخها عام ٢٠٠٩ حيث أعلنت إفلاسها يومها، وكان السبب المباشر في ذلك تراجع المبيعات، وتلكؤ أصحاب القرار في اتخاذ قرار جريء بخفض التكاليف مابين عامي ٢٠٠٥ و ٢٠٠٩ والذي أدى بدوره إلى خسارة الشركة خلال هذه الفترة وقدرت بحوالي ٩٠ مليونا من الدولارات!. ولم تتعاف الشركة من مأزقها ذلك حتى عام ٢٠١٤ من خلال إدارة وهيكلة جديدة ساهمت في عودة الألق لهذه الشركة الكبيرة والعريقة.

أي خطة مالية يتم وضعها يجب أن يكون لها أدوات! وما يحدد هذه الأدوات هو الإجابة على أسئلة مهمة. فمثلا – على الصعيد الشخصي-:
هل تسعى من خلف خطتك المالية إلى زيادة رأس مالك وزيادة أرباحك؟
أنا لا أشك هنا أنك ستلجأ إلى مايحقق ذلك من فتحك حسابا بنكيا، أو ستلجأ لصندوق استثماري، أو حتى توسيع مجال استثمارك في السندات. هذا بخلاف مالو كنت تهدف من خطتك إلى الحد من المخاطر المالية في المستقبل! فالأدوات هنا ستتغير طبعا، وستلجأ إلى طرف ثالث لتجنيبك المخاطر المالية كالتأمينات مثلا ( بغض النظر عن رأيي الشخصي في التأمينات بأنواعها ) لكن هذا مايجري في عالم المال والأعمال.

هنا وبعد هذا كله يبدأ التنفيذ!

وقد يفوت بعض القادة الماليين قضية مهمة جدا، ألا وهي التغير المتوقع خلال فترة التنفيذ سواء كان تغيرا اقتصاديا كالارتفاع في معدل التضخم العالمي، أو تغيرا سياسيا أو حتى الاجتماعي، وهذا التغير بأنواعه يستلزم عملية مراجعة دورية للخطة المالية لضمان أن الأمور تجري كما تم التخطيط لها تماما.

ومن باب التيسير على القاريء لفهم المراد فإن بعض الشركات –مثلا- تضع نصب عينيها أهدافا مالية استراتيجية محددة، كخفض المصروفات التشغيلية بمقدار مالي معين بحلول بداية الربع المالي التالي ! وزيادة هامش الربح بنسبة معينة في السنة المالية الحالية. وزيادة رأس المال العامل الاحتياطي بنسبة معينة خلال الإثني عشر شهرا التالية، وزيادة الإيرادات بنسبة محددة كل ربع سنة خلال الأرباع المالية الثلاثة التالية، وهكذا .. فهذه الخطوط العريضة لخطتهم المالية.

لنجد في المحصلة أن التخطيط الاستراتيجي عملية يتم من خلالها تحديد استراتيجية المنظمة، والاتجاه الذي تتجه إليه، وهذا بدوره دفعنا إلى وضع الخطة المالية واتخاذ القرارات وتخصيص الموارد وفقًا للخطة.

إن تحليلات SWOT و PEST و STEER ، كلها طرق للقيام بالتخطيط الاستراتيجي الطويل المدى الذي يتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات؛ لكن من الشائع أن يكون لديك خطة مالية لمدة عام واحد.

في الشركات الربحية ستتسم خطتهم المالية بـ (الاستدامة) التي ستسمح بمواصلة العمل مع خلق المزيد من فرص العمل وتحقيق تحسن مطرد وتوسع تدريجي بمرور الوقت، وستهتم خطتهم المالية ب(زيادة الأرباح كنتيجة للنمو) من خلال توفير مبيعات سنوية قوية بهامش زيادة معين – مثلا- عن السنوات الخمس الأولى من أجل دفع التكاليف الأولية وتحقيق الأرباح المتوقعة من العام الثاني فصاعدًا. و ولا بد من (الحصول على ربح من الاستثمار) ونعني هنا حجم الأموال التي يتم استردادها من النفقات الرأسمالية. والسعي للحصول على عائد استثمار بنسبة معينة تضمن استرداد رأس المال في غضون سنتين أو ثلاث (مثلا)، وتحقيق هامش ربح بنسبة معينة في السنوات الخمس الأولى، وهامش ربح بنسبة معينة في العام السادس؟. وهكذا.

النتيجة الحتمية هنا أن التخطيط المالي الاستراتيجي هو عملية تحديد كيفية إدارة الأعمال لنفسها مالياً لضمان تحقيقها لأهدافها وغاياتها على المدى القصير والطويل. آخذين بعين الاعتبار التخطيط السليم في كل جانب من جوانب عمليات الأعمال وتأثير كل منها على الوضع المالي العام للمنظمة، كتخطيط المبيعات وتخطيط عدد الموظفين وتخطيط الإيرادات والمصروفات وتخطيط رأس المال.

الأمور لا تترك (سبهللة) ولا بد من خطة مالية ناجحة لتكون استراتيجيتك ناجحة