تفكيك القطاع العام ..

22 يونيو 2023
تفكيك القطاع العام ..

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
الحديث عن سوء وتقهقر أداء القطاع العام، لا يسر أردنيا، فهو يواجه الكثير من التحديات ذات المنطلقات “الديماغوجية” المتراكمة، وتعرض لعمليات جراحية فاشلة كثيرة قبل هذا، وعلى سيرة العمليات الجراحية الفاشلة..

تعرض أحد المرضى لحالة وبائية ما، وبعد تحليلات مخبرية، و”رعاية حثيثة” ليرقات ظهرت على جسد المريض، تم الكشف عن المسبب، وهي حشرة معروفة، يعني (ذبانة زرقا).. وهذه نتيجة تغرينا لأن نبحث عن الأسباب، التي دفعت بالحكومة لتبني هذا الملف، وهو تفكيك القطاع العام، وكيف أصبح بعض الوزراء “يبشرون” بالتفكيك دون ان يفهموا بأن حديثهم الذي يتفاخرون به كان يخجل “العملاء” أن يفصحوا عنه حين يطبقوا وصفاته في جمهوريات الاتحاد السوفيتي وجمهوريات الموز حول العالم.. فما هي “الحشرة” التي نقلت لنا هذا الوباء وأصبحنا نتحدث عنه كإنجاز، بعد أن كان يشكل تهديدا بل حربا على الدول والحكومات الوطنية؟!.

اغلب كتاباتي تدافع عن الدولة وأحيانا عن الحكومات حين تبلي حسنا، ولا تحسد الحكومة الحالية على وضعها، ولا تشكيك بجهودها لمجابهة الكثير من التحديات، لكن في غمرة الإنهماك بالعمل، يتسلل “طقم ما” من العاملين بصحافة وإعلام “التيك أوي”، المتحرر من (العقد الوطنية)، فيجدوا لهم مكانا قريبا من رؤساء الحكومات والقيادات في المؤسسات كلها تقريبا، ويقومون بعملهم “التنفعي” الذي يضفي شرعية وتجميلا على وصفات صندوق النقد، وعلى أي عمل فيه “قروش” ويديره أصحاب كروش، او “أصحاب صهرات وقعدات”.. فتتمخض النتيجة عن علاقة الحكومات بهؤلاء عن توريط الحكومات والمسؤولين بالأداء المريب، الذي يزيد من مشاكل الدولة ويقوض علاقتها مع المواطن، ولا يحق لأي رسمي له علاقة بموضوع التحديث والتطوير أن يلومني على رأيي، فأنا وباختصار شديد باعتباري صحفي مهتم بالشأن العام، ومحسوب مهنيا على الوطن والدولة “ما حكولي”.. يعني ما بعرف ولا اشي عن التطوير والتحديث والأفكار التي تسعى الحكومة لتطبيقها وتحقيقها في هذا المجال، أما عن الذين يعرفون ويتواصلون مع المسؤولين بهذا الخصوص وغيره، فهم باختصار “ما حكولنا اشي”، وكان الأحرى بأن تتواصل الحكومة بآخرين غير هؤلاء، عساهم “يحكولنا”، ويقنعونا بعكس ما اقتنعنا به اليوم، من حقيقة “إنكفاء” على ما تبقى من الذات.

نحن لسنا بحاجة لشرطي، بمهمات (شريف) في أفلام كاوبوي، وهذا ما أفهمه من تشكيل لجنة مراقبة و”تحكم وسيطرة في أمن الأردنيين الوظيفي” وأمنهم على ستقبلهم ومستقبل أبنائهم الذين نصمت اليوم عن إضاعته وإضاعتهم، وهو فقط الدور المتوقع من الهيئة التي يجري التبشير بإحلالها بدلا عن ديوان الخدمة المدنية، وبلا تردد يقولون (سنصبح كالقطاع الخاص)!!، و(ما فيه أمن وظيفي بعد اليوم).. تصريحات لم نسمع مثلها الا في دول تم تدميرها وباتت في أيدي غرباء ومستعمرين!.

لا ينقص رئيس ديوان الخدمة المدنية الحالي، وفريقه، سوى (مسدسات وطواقي)، اعتدنا رؤيتها في أفلام الغرب الأمريكي والمكسيكسي كمان، لتتضح لنا صورة المهمة الفعلية التي نفذ منها الديوان الحالي مراحل، وهي المؤسسة التي ستصبح قانونا وكيانا مستقلا مع نهاية العام كما قال قادة التحديث على القطاع العام!.

لا تتفلسفوا؛ ولا تعتقدوا ان مشورات وخدمات ومبادرات الانتهازيين المحسوبين على الإعلام المتخفف من الوطنية وأعبائها، سيخدم بلدا أو شعبا او قيادة، تقع على كواهلهم أعباء ومسؤوليات أمة، بعد ان تبهدلت الأمة ودولها ونظمها السياسية والاجتماعية وتقوّض امن بلدان كثيرة منها.

نحن لظينا ما يكفي من شكوك بأنه منذ البداية، لا مكان لأبناء الدولة وأبناء الوطن في هذه الحفلة التنكرية التي تستهدفهم، لكن الأمور مكشوفة والعناوين واضحة، وأنتم ماضون في الوهم والخيال ومطاردة السراب، بينما الطريق يقودنا إلى الهاوية.
أين أمسينا اليوم وماذا نستطيع أن نتذكر وإلى أي مستوى علينا أن نتخفى ونتنكر ونغض البصر عما يجري بحقتا وبحق مستقبلنا، ألا يكفينا بأننا قدمنا كل الجهود للقيام بواجباتنا تجاه بلدن ونستقبله الذي هو مستقبل أبنائنا، وصبرنا، وها نحن “غالبيتنا” نشاهد أبناءنا انتصفت أعمارهم الافتراضية وتعلموا وحصلوا على كل الشهادات الممكنة، و”يقعدون” في وجوهنا؟!.. هل نترك أمر مستقبلهم للتنافس على فتات ما يتبقى بعد تعيين خريجي أمريكا وبريطانيا، الذين ملك آباؤهم المال والنفةذ، و”زبطوهم”، ويبشرنا بعضهم بانتهاء أحلامهم بوظيفة وحياة آمنة مستقرة مع فتات خبز؟..
هل بقي في العالم مكانا يؤوينا ونأمن فيه على مستقبل أبنائنا، فنحن لا نملك مالا ولا جوازات أجنبية، ولا شهادات أجنبية.. أين نذهب بعد مصادرة فرصنا وأمننا؟