صالح الطراونه
لم يكن أمراً عابراً أن تغني فيروز رغم إعتناقها الديانة المسيحية ” لمكه حيث غنت ” غنيت مكة أهلها الصيدا ” حيث من ذاك الصوت الريحاني أخذتنا الى مشاعر وأفلاك إيمانية لنتخيل إننا في إطار تلك المدينه ومسجدها العظيم ولم يكن ذلك وحسب بل حفظت القرآن الكريم وتعلمت تجويده على يد أحد مؤذني مساجد لبنان الشاهد على حضارة المكان والزمان .
وعند الحديث عن بدء أول تجاربها الغنائيه بصوتها المخملي البازغ كشمس لبنان وحاراتها وضيعاتها الجميله كان في دار أيتام إسلامية اذ أنشدت ” يا محمد ارفع اللواء ” وقد أبهرت الحضور في تلك الحفله وبعدها إنطلقت تبهر العالم أجمع على خلفية تعتمد على عمق رسالة الإسلام سواء في الدراسه أو حينما كانتت تتلقى المعارف أو حتى إنها قد بدأت بمخالطة رموز الدين لتستمد المعرفه بكل تجرد وقيم إصوليه لمفهوم الإسلام الحقيقي بعيداً عن التهويل.
يقول عنها الملحن اللبناني “محمد فليفل في إحدى حوارته ” فيروز أداؤها إسلامي مائه بالمائة ” ولعل الملفت في كل ما قدمت فيروز للساحه العربيه واللبنانيه على وجه التحديد والمتابع لجميع حفلاتها الغنائية والمسرحية وفي إطار التمثيل إنها كانت ترتبط ارتباط وثيق بالأزياء الإسلاميه الذي يُغطي كامل جسدها حث تخفي كل شعر رأسها من الظهور .
يؤكد الملحن الاستاذ ” محمد فليفل ” إنه علم “الفنانه فيروز ” قراءة القرآن الكريم مما جعلها تتقن مخارج الكلمات حين تُغني وعلمها فن الإلقاء عبر تلاوة كتاب الله مما جعلها تؤدي الدور على قيمته الأصيله التي سنها فهم رسالة الفن الأصيل ومجاله المتسع .
ويروي ” الفنان الملحن محمد فليفل ” بأنه «عندما كانت فيروز طفلة صغيرة حاولت إقناع والدها بأن تُغنى إبنته ” النشيد الوطنى فى المدرسة ” إلا أنه رفض غناءها أمام العامة، لكننى أقنعته وأكدت له أن إبنته لن تغنى سوى الأناشيد الوطنية فقط، ومنذ هذه اللحظة بدأت فيروز رحلتها الفنية، حيث علمّها الاستاذ ” محمد فيفل ” أصول التجويد والإنشاد الدينى، وبعد إجتيازها تلك المرحلة، انطلقت لتغنى الأغانى المسيحية التى تُعرف باسم الترنيمات مثل مقطوعة: أؤمن، والمجد لله فى الأعالى.
فيروز الصاعده الى ذرى المجد لم تكن بمعزل عن قضايا وطنها والعالم العربي يوماً بل دعمت كل حركات التحرير الرافضه للإحتلال الإسرائيلي والعدوان على الدول العربيه ومن ينسى ” لأجلك يا بهية المساكن يا …. قدس ” ومن ينسى ” لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي ” كثيراً ما عبرت فيروز عن غضبها حول الأنتهاكات الداميه بحق الشعب الفلسطيني وارضه المباركه ..
ما زال مدحها لفلسطين يضج في كل مكان وهي تغني ” أنا لا أنساكِ فلسطين , ، ويشدُ يشدُ بىّ البعدُ.. أنا فى أفيائك نسرينُ، أنا زهر اللوز أنا الوردُ ” .
ولا تكتمل صباحات الكثيرين من محبي فيروز ومفردات أيامهم السعيدة إلا بصوت “جارة القمر” ينبعث دافئا هامسا من مذياع قديم من سيارة، أو من أعماق مقهى عتيق، صوت معجزة يمنح الفرح والتفاؤل ويعزز بعذوبته ورِقّته امتحان الحياة اليومي
وشكل تعاون فيروز مع “الرحابنة” مرحلة طويلة من الإبداع وتجديدا في الموسيقى العربية في ذلك الوقت، حين تم المزج بين الأنماط الغربية والشرقية والألوان اللبنانية في الموسيقى والغناء. وقد ساعد صوت الفيروز وانسيابيته على الانتقال دائما إلى مناطق جديدة، ففي وقت كانت فيه الموضة الدارجة هي الأغاني الطويلة قدمت فيروز الأغاني القصيرة
ستبقى فيروز الصوت الذي لن يتكرر لسنوات قادمه وإن جاء صوت يشبه هذا الصوت حتماً سيحتاج لقرن من الزمن ليصبح “كفيروز جارة القمر”
