سميح المعايطة
مؤثرة جدا تلك الصور التي نشرها ذوو الشهيد حازم شديفات احد ضباط الجيش والتي تظهر كم كان في جيوب الشهيد الملازم أول عندما غادر الدنيا شهيدا بعد مواجهة مع تجار مخدرات وغيرها حاولوا اقتحام الحدود، وبعد المواجهة وإفشال محاولة التهريب كانت حادثة الاستشهاد.
ديناران وخمس وثمانون قرشا هي ما كان في جيب الشهيد، وطبعا لم يكن يعلم أنه سيغادر الدنيا حتى يخبئ ثروته ويختار أقل من ثلاثة دنانير ليضعها في محفظته، بل هي ما معه، وربما لم يكن قد زار أهله منذ فترة بحكم طبيعة عمله.
لكن من كان من أبناء العسكر وحتى الضباط يعلم أن هذا المبلغ أو ما حوله يكون في جيوب الكثيرين من رفاقه مع فارق بسيط لايتجاوز عشرة دنانير، وتكون الربع دينار أو الشلن أو العشرة قروش “البريزة” رقما مهما ولهذا ماكان في محفظة الشهيد من عدد من فئات العملة وأعلاها الدينار الأخضر وصولا إلى الشلن.
واقع الشهيد وأمثاله هو واقع عامة الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها، لكن في نفسه ثروة لايمكن لآخرين امتلاكها وهي الرجولة التي تجعله أردنيا حقيقيا وهو يقاتل ببطولة وبسالة ويدافع عن البلد بالسلاح.
هؤلاء هم الأردنيون وليس صاحب ” النفس الردية” الذي يتقاضى عمولات لفتح أبواب التهريب أو إدخال بضاعه فاسدة أو سلاح قاتل، أو أولئك الذين يعتقدون أن أي منصب أو موقع هو الباب للمال الحرام فيقفزون من خانة أصحاب الرواتب إلى ملاك الأراضي والعقارات والشركات حتى وإن كانت بأسماء أولادهم أو الشقق في عواصم المال حولنا.
هؤلاء ليسوا أردنيين حتى وإن حملوا الجنسية وحصلوا على المواقع والألقاب، فالاردني الحقيقي هو الذي نستطيع أن نتحدث لأبنائنا عن سيرته وعمله من شهداء وشرفاء وأصحاب إنجاز وصبر، و الأردنييون هم الذين يقدمون أولادهم وأنفسهم شهداء، وان لم يرزقهم الشهادة كانوا نماذج للعفة والشرف وليس وراء كل منهم قصة مخزية تضعف علاقة الناس بدولتها.
الغنى وامتلاك المال ليس عيبا أو مصدر شبهة لصاحبه بشرط أن يكون مالا حلالا وليس على حساب صحة الناس أو أمنهم أو أي مصدر لايرضى عنه الله ولا القلب السليم.
رحم الله الشهيد حازم وكل شهداء الأردن، ولو قام اي شخص بتفتيش محافظ رفاق السلاح لحازم لوجدوا كميات من العملة المعدنية من النصف دينار وربع دينار وشلون وبرايز، وهو حال كثيرون من أهل الشرف في بلادنا ممن تملأ جيوبهم الفراطة وهم يشترون أغراض بيوتهم ليس لأنهم مغرمون بصوتها بل لأنها جزء مهم في مصروف الأسبوع والشهر، لكن هؤلاء الكرامة هم ملح أرض الأردن، وهم البركة ومخزون الصدق فيها.
رحم الله كل شهيد، وتحية لأهل العفة والشرف الذين يفهمون الأردن وطنا و جزءا من إيمانهم بالله، و يصيبهم الرعب أن يدخل جوف أبناءهم قرشا حراما.