اين نحن والى اين؟!

31 مارس 2022
اين نحن والى اين؟!

بسام الياسين

سؤال معلق على شفاه الكافة، عن سبب التردي المزمن والاحباط المستعصي، للنهوض بمجتمعنا ما السر ان نبقى اسرى دائرة مغلقة، دون التقدم شبراً خارجها او القفز فترا فوقها المشكلة ـ لمن يعاني عمى بصيرة ـ ليست في الامة، فامتنا عظيمة وشعوبنا ولادة، بل بانظمة غير دستورية، بعيدة عن قيم المساواة، العدالة، حرية التعبير، الديمقراطية، حقوق الانسان. يوازي ذلك انفلات في  الانتخابات، بذاءات ملاعب تهدم القيم وتستبيح المحارم، صخب مهرجانات، مشادات في البرلمان، قرارات متسرعة في المؤسسات، ردة جاهلية، تناشز لا منطقي،  تنافر لا عقلاني، تنابز لا اخلاقي في الشوارع .اعترفنا ام انكرنا، نحن في محنة معقدة وازمة متشعبةفما القصة وما الاسباب الكامنة ؟!.

 نعيش ازمات متداخلة ومتبادلة بين الداخل والخارج، فالدولة تفتقر للمال والموارد، كما انها غارقة بمديونية ثقيلة.ما فاقم المشكلة اكثر،  حربي الكورونا وأوكرانيا لا مناص اذاً،  الا بمواجهة الناس بالحقيقة. اتساع رقعة الفقر، غلاء فاحش، تنامي اعداد المتعطلين على الضفة الاخرى،  نخبة غير مؤهلة ولا منتجة ارهقت الخزينة عود على بدء، يجب القاء نظرة فاحصة على الحكومات السابقة، لمعرفة حصة كًلٍ منها من الانفاق العبثي، مشاريع فاشلة، اهدرت الملايين دون جدوى، لادراك حجم الكارثة ناهيك عن طبقة طفيلية،  تعيش عالة على الخزينة بطرق شتى.

بضاف لما سلف،  ما طرأ من تحولات سياسية، اقتصادية، اجتماعية حادة على الشخصية الوطنية، ادى الى شروخات نفسية :ـ كآبة، ميول عدوانية، عدم استقرار معيشي، ظلم النخبة للعامة ، منذ ايام  الاحكام العرفية ليومنا هذا، اتساع الهوة بين المتنفذين المرفهين والاغلبية المعدمة، ما ولدّ حقداً و حالة سخط،  في ظل اقتصاد وطني هش،  يعيش على المساعدات،  ويستورد 90 % من احتياجاته. ما زاد الطين بلة، الاخبار المتداولةـ صدقاً او كذباً ـ عن الاموال الخرافية المنهوبة.

 الاخطر، ان التحديث ظل خارج حدودنا، لان شرطه الاساس، قدرة الفرد على صناعة مستقبله، ومشاركته في صناعة قرار بلاده، لكنه ـ للاسف ـ ظل مُكمماً ومكبلاً، خارج اللعبة،  بسبب الانظمة الابوية، الممسكة بخيوطها، فاقتصر دوره على الفرجة ودفع فاتورة اخطاء وخطايا النخبة لذلك من الاستحالة، ان ينتج او يبدع في  بيئة خانقة، تعاني من افتقار لروح العلم والمعرفة، وغياب حرية التعبير المقدسة،  التي تتيح للمواطن استقصاء الحقائق والوصول للمعلومة،  ومن ثم الغوص عميقاً، للكشف عن جذور الفساد الناخرة في عظم الدولة ؟!.

هناك اوطان تصنع مقصلة، بمواصفات استثنائية لمعارضيها، لكنها عاجزة عن صناعة شفرة حلاقة لمواطنيها او بذر حفنة حنطة باراضيها المفارقة محاكمتهم،  بحجة اطالة اللحى او التظاهر ضد بطر النخبة الانكى ان اعلامنا ما زال يتقيأ تفاهات علينا، ان غداً احلى، و المستقبل رهن ايدينا، مع اننا كسحلفاة مقلوبة على ظهرها، تنتظر معجزة تعيدها سيرتها الاولى كي تحبو ثانية بتؤدة.

  جراء ذلك، انسحب المواطن من الهّم العام،  ودخل قوقعة عائلته، للجهاد من اجل تأمين ” صحن سلطة “، بعد ان بلغ كيلو الخيار دينارا ونصف والبندورة دينارا اما الليمون، صار عملة نادرة فأنكفأ ـ المغلوب على امره ـ على نفسه،  واغلق سمعه بالشمع بالاحمر، لان الكل يكذب عليه.

الحل، افساح المجال لنخبة مستنيرة،  قلبها على الوطن، تتماهى معه وتعيش وجعه لطرح قضايا الحساسة بجرأة وثقة، لاجل رسم خطة طريق مرنة ومبتكرة، بعيداً عن المسايرة، المحاصصة، الجهوية، ترحيل الازمات، وعود التهدئة شعارها مواجهة ضروس مع واقع مزرٍ، وقبول النقد البّناء، الرأي الاخر، ومناقشة كل صغيرة وكبيرة لمحاسبة من كان وراء الكارثة، لأخذ جزاء كل واحدٍ عن حصته في الخراب الذي اقترفه.

والا،  سنبقى ندور حول انفسنا، كـ “ثور ساقية “،  معصوب العينين // عمى مبرمج “،  كي لا يسقط من الدوران حول نفسه ـ لاحباً فيه ـ بل لري مزارع غيره من علية القوم، وملأ دلائهم ماءً زلالا، فان ابطأ او تباطأ، فالسكين جاهزة لذبحه وشي لحمه فيقضي عمره ـ لا حمداً ولا شكورا ـ كعبيد اقطاعيات القرون الوسطى.