هل بات الاتفاق النووي الايراني في قبضة الروس؟

13 مارس 2022
هل بات الاتفاق النووي الايراني في قبضة الروس؟

 

-دور روسيا في الاتفاق النووي الايراني
-تعارض المصالح بين روسيا وايران
-اوروبا في خطر وروسيا قد تنهار والقرار العربي

عامر الشوبكي

فاجئ وزير الخارجية الروسي العالم عندما قال: بالنظر الى سيل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، قد تجد روسيا نفسها غير قادرة من الاستفادة من انفتاح التجارة وفرص الاستثمار مع ايران بعد ابرام الاتفاق النووي، نريد ضمانات مكتوبة بأن العقوبات الجديدة لن تؤثر على حق روسيا في تعامل تجاري واستثماري وعسكري تقني كامل مع ايران.
الرد جاء من واشنطن برفض الطلب الروسي، كذلك انتقد المتحدث الرسمي باسم إيران التدخل الروسي ،رغم تصريحات ايرانية غير رسمية متعاطفة مع الموقف الروسي، و المحصلة تم اعلان وقف محادثات فينا حول الملف النووي الايراني بسبب عوامل خارجية، وقد امتدت هذه المحادثات على مدى 11 شهراً ماضية.

(دور روسيا في الاتفاق النووي الايراني)

الحقيقة ان لروسيا دور تقني وفني اساسي في الاتفاق الحالي، ويتلخص في تعهد روسيا في استيراد كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب الذي انتجته ايران منذ العام 2018 ولغاية اليوم، بعد ان خرجت الولايات المتحدة من اتفاق 2015، كذلك تشترك روسيا بدور اساسي في اعادة هيكلة المرافق النووية الايرانية للحد من قدرة ايران على انتاج اليورانيوم عالي التخصيب ، او البلوتونيوم ، عدا عن توفير الوقود لمفاعل بوشهر للطاقة ومفاعل طهران للأبحاث ومساعدة إيران في تحويل موقع فوردو لإنتاج النظائر المستقرة، وهذه الادوار المنوطة بالروس تستطيع الولايات المتحدة او بريطانيا او فرنسا القيام بها، الا ان هذا يلزم اعادة صياغة الاتفاق وتنظيمه واعادة التفاوض على التفاصيل، وتوزيع الادوار من جديد الامر الذي قد يؤخر الاتفاق الى ايام وربما اسابيع وطبعاً بعد موافقة ايران، والسيناريو الاخطر فيما إذا كان بإمكان موسكو استخدام حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة بشكل مطلق على الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

(تعارض المصالح بين روسيا وايران)

ايران تريد انفاذ الاتفاق النووي والتخلص من العقوبات ومساعدة اقتصادها المدمر، وروسيا مصلحتها الحالية لا تحتمل انتصار سياسي للرئيس الامريكي بايدن، والاهم ان روسيا لا تحتمل عودة النفط الايراني الى الاسواق الذي يعتبر بديل لجزء كبير من النفط الروسي مما يشجع اوروبا على الاسراع في فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، وتوجيه الضربة القاضية لاقتصاد روسيا، عدا ان الصين ايضا تنتظر رفع العقوبات عن ايران لتحقيق مصالحها الاستثمارية المتعاظمة مع ايران و تنفيذ وثيقة التعاون الشامل للأعوام الـ25 المقبلة يقيمة 400مليار دولار، مما يخلط الاوراق في خارطة المصالح العالمية المتشابكة من جديد، وقد تجد ايران نفسها ضد روسيا، عدا عدم الثقة المتوفرة بين روسيا وايران في العديد من الملفات و منها الملف السوري.

(اوروبا في خطر وروسيا قد تنهار و القرار العربي)

قلق روسيا العميق اذا شملت العقوبات الغربية قلبها النابض في صادراتها من الطاقة الامر الذي قد يؤدي الى انهيار الاقتصاد الروسي، خاصة وان النفط والغاز يشكل نصف ايرادات موازنتها، و صادرات النفط ومشتقاته حسب المركزي الروسي حقق لها قرابة 180مليار دولار في العام 2021 بينما حقق الغاز 62 مليار ، بدأت المخاوف بعد اعلان الرئيس الامريكي بايدن وقف واردات الطاقة الروسية الى الولايات المتحدة، و بدأت الضغوط على الدول الاوروبية لاتخاذ نفس الخطوة، الا ان الامر مختلف كلياً والمقارنة بعيدة مع الولايات المتحدة اكبر منتج للنفط والغاز في العالم، حتى روسيا تستطيع تصريف حصة اميركا وهي 700 الف برميل من النفط ومشتقاته يومياً الى دول اخرى مثل الصين او باكستان او الهند خاصة وان العقوبات غير ملزمة لباقي الدول ، اما 3.5 مليون برميل نفط ومشتقاته وهي حصة اوروبا من الروس والتي تشكل نصف صادرات روسيا من النفط، قد تكون مهمة مستحيلة على المدى القصير خاصة مع عقوبات ملزمة للجميع، كما ان الدول الاوروبية قد تواجه سيناريو مرعب اذا انقطع الغاز الروسي عنها قبل نهاية فصل الشتاء، و الخطورة كبيرة اذا انقطع النفط الروسي عن اوروبا قبل فصل الصيف والطلب على البنزين بدون يقين من توفر البدائل، اما الروس فهم يلاحقون البدائل المحتملة سواء من النفط الايراني او الفنزويلي، الا ان الكلمة الاكبر تأثيراً على اسواق النفط ستكون للسعودية والامارات وهما فقط في العالم من يستطيع في غضون اسابيع زيادة الانتاج وتغطية حاجة القارة الاوروبية من النفط، عدا عن دور قطر المركزي في حال تم قطع امدادات الغاز الروسي عن اوروبا.