وطنا اليوم – إسلام عزام
أبو خالد صاحب البقالة الصغيرة في حيّ شعبي في عمان، لطالما كانت البقالة صديقًا وفيًا لنا، كنت، أرتادها في اليوم خمس مرات وأكثر…، منذ أكثر من عامين كان لقاؤنا الأول بعد سنين طويلة، وخضنا جولة رائحة حول كتابة الشعر وأصر على تكرار هذه الأية (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) [الشعراء:224-226].
في صباح هذا اليوم سمعت صوته، ناظرت بوابة المنزل رأيته يتبادل الحديث مع أطفال الحيّ، كيف لي أن أنساه؟ وهو الذي كان يوفر لي حاجات الطفولة من السكاكر وما شابه ذلك، ذلك الشيخ يتكأ على عكازين جالس يشرب عصير الليمون، رددت عليه السلام بصوت مرتفع، رمقني بنظرة فرحة وقال: أبو السلم!
وأخذنا سلام حار كعودة الأسير إلى أمه، وبدأ يسألني عن صحتي ودراستي…، وأخبرني أنه اطمأن عن نجاحي بالثانوية العامة من حفيده صالح وهو نديمي، عندما أخبرته أنني أدرس الصحافة والإعلام عادت تلك النظرة الفرحة مرة أخرى، وأوصاني بالحق والمهنية ثم قال ممازحًا: لا تكتب عنا بالسيء، هنا توقف الزمن عاد عند تقبيل رأسه مودعًا له ليأتي رجل أخر للاطمئنان على أحوال صاحب البقالة، ترددنا على دكانه في الطفولة واليوم نتبادل الأدوار لرد التحية وتقديم الشكر له، لم ينهرني في يوم، رغم أنني كنت ألعب بالكريات الزجاجية مع الأطفال، كان الحق علينا كنا نزعجه أثناء قراءة القرأن.
مضت الأيام بسرعة فائقة، لكنني لن أنسى كلماته ولن أنسى أنني قابلت أبا خالد.