وطنا اليوم:هل تستطيع إيران إسقاط الأقمار الصناعية الأمريكية بالصواريخ وبالتالي شل قدرات الرصد والتجسس للجيش الأمريكي؟
وتتباهى إيران بالفعل بأسلحتها خاصة الصواريخ، فهل يمكنها استخدام هذه الصواريخ لتفجير قمرٍ صناعي؟
الأخطر هو قدرة إيران على تشويش إشارات نظام التموضع العالمي (GPS) المحلية، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وبعد اغتيال أمريكا للجنرال قاسم سليماني، استعرضت إيران بعض عضلات صواريخها الباليستية رداً على ذلك، وقصفت عدة قواعد تستضيف القوات الأمريكية داخل العراق.
ولكن من السهل نسبياً قصف هدفٍ على مرمى البصر من الحدود. لكن الأصعب هو قصف الأقمار الصناعية للعدو. فهل تستطيع إيران فعل ذلك؟
قوة إيران الصاروخية تمثل تهديداً لأمريكا
أورد تقريرٌ لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنّ “قوات إيران الصاروخية تُمثّل أداةً قوية لاستعراض القوة الإيرانية، وتهديداً موثوقاً للولايات المتحدة والقوات العسكرية الموالية لها في المنطقة”.
واستشهد التقرير بقدرات الصواريخ الباليستية الإيرانية التقليدية، لكنه فشل في توضيح ما إذا كانت ترسانة إيران الصاروخية بالكفاءة التي تسمح لها ببلوغ الأقمار الصناعية ذات المدارات المختلفة.
إذ إنّ تحويل صاروخ من الهجوم الأرضي إلى الهجوم الفضائي ليس أمراً بالغ الصعوبة بالضرورة. والفضاء هدفٌ يُغري الجميع. فالقمر الصناعي أعزل من الأسلحة عملياً في مواجهة الهجمات.
كما تعتمد الولايات المتحدة، والعالم أجمع تقريباً على الأقمار الصناعية في الأغراض السلمية مثل التواصل، والملاحة عبر نظام التموضع العالمي- والأغراض غير السلمية مثل توجيه الذخائر المُوجّهة بدقة أو التقاط صور لمواقع الاختبارات النووية.
كتب أحد الخبراء بشأن الخطر الذي تُمثّله القدرات المضادة للأقمار الصناعية: “إنّ التطبيقات العسكرية لصواريخ الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية تبدو واضحةً إلى حدٍ ما. إذ قد تسعى الصين إلى استخدام تلك الصواريخ لإسقاط الأقمار الصناعية الأمريكية المسؤولة عن قدرات منظومة C5ISR (الخاصة بالقيادة والتحكم والحاسوبات والاتصالات والفضاء السيبراني والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع)، مما سيُعطّل أصول الجيش الأمريكي وحلفاءه المنتشرين في كل مكان ويجعلهم غير قادرين على التواصل أو تشارك المعلومات”.
وفي حال إسقاط ما يكفي من الأقمار الصناعية في سيناريو الصراع المحتمل، فسوف يضطر الجنود إلى العودة لغبار الخرائط والبوصلة التي عفى عليها الزمن.
ورغم ذلك، فإنّ قصف قمرٍ صناعي ليس بالأمر السهل- والأكثر تعقيداً هو إطلاق صاروخٍ في اتّجاه الفضاء. لأنّ الأقمار الصناعية صغيرة الحجم نسبياً، ويتحرّك بعضها بسرعةٍ كبيرة نسبياً. لذا فإنّ قصف قمرٍ صناعي يُشبّه أحياناً باصطدام رصاصةٍ مع رصاصة أخرى.
أقرّ تقريرٌ لوكالة استخبارات الدفاع برغبة إيران في التخطيط لمعركة فضائية: “تُدرك إيران القيمة الاستراتيجية للفضاء والقدرات المضادة للفضاء، وستحاول منع استخدام أيّ عدو للفضاء أثناء الصراع”.
وتمتلك إيران بعض القدرات على هذا الصعيد بفضل ترسانة الصواريخ الباليستية التي تمتلكها: “بفضل التداخل المتأصّل بين تقنيات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وبين مركبات الإطلاق الفضائية، نجد أنّ تطوير إيران لمركبات إطلاق فضائي مُعزّزة أكبر وأكثر قدرة يُمثّل مصدراً للقلق فيما يتعلّق بقدراتها على إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. كما أنّ هذه التطوّرات يُمكن تطبيقها على تطوير صاروخٍ أرضي مضاد للأقمار الصناعية، في حال اختارت إيران فعل ذلك مستقبلاً”.
وبعيداً عن الرغبات، تمتلك إيران بعض القيود العملية التي يجب تجاوزها: “أفادت طهران بأنّها طوّرت قدرات مُتقدّمة، تشمل مركبات الإطلاق الفضائية وأقماراً صناعية للاتصالات والاستشعار عن بُعد، لكن مركباتها الفضائية تستطيع إطلاق أقمارٍ صناعية صغيرة فقط إلى المدار الأرضي المنخفض، ولم تُثبت كفاءتها بما يكفي بعد”.
التعطيل أسهل من القصف
تبلغ قدرات إيران الفضائية ذروتها في تعطيل المجال الفضائي للخصوم، بدلاً من التحكّم فيه فعلياً. وفي عام 2011، نجحت إيران في الاستيلاء على طائرةٍ أمريكية بدون طيار عن طريق التشويش على إشارات نظام التموضع العالمي واستبدالها بإشارةٍ أخرى مزيفة. وهذا أسهل بكثير من إسقاط قمرٍ صناعي.
ومن المستبعد أن تنجح إيران في قصف أقمارٍ صناعية من مدارها، رغم امتلاكها قدرات صاروخية باليستية. كما أنّ هناك بدائل أرخص وأسهل كثيراً مثل التشويش على إشارات نظام التموضع العالمي واستبدالها بإشارات مزيّفة.