بقلم : سهل الزواهره
و انتهت انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية نهاية أدخلت ارتياحا ناقصا لن يكتمل حتى يسلم ترامب المغرد أنه أصبح خارج البيت الأبيض بعد هزيمته على يد المرشح الديموقراطي بايدن بسيوف ثلاثة فايروس كورونا و أصوات البريد و جورج فلويد .
ترامب هذا الرئيس الذي ربما يعد من أكثر قادة الدول إثارة للجدل في التاريخ المعاصر بكل ما يحمله من شعبوية و استعراض و تناقض وتغريدات و نزق يتجلى أخيرا برفضه الاعتراف بالهزيمة و عضه بالنواجد على كرسي الرئاسة الأمريكية تماما كحكام العالم الثالث لا بل اشد عضا .
صدم ترامب العالم خلال سنواته الأربع بقرارات أدخلت الولايات المتحدة الأمريكية و العالم أجمع في حيرة ، انسحابات طفولية رتبت توترات عديدة و خلطت أوراق كثيرة ، فتارة يمزق اتفاقية المناخ و يدخل الولايات المتحدة الأمريكية في صراع مع أوروبا حليفة الولايات المتحدة الأزلية ثم يتراجع عن الإتفاق النووي الإيراني و ييتز الخليج بتخويفهم بالبعبع الايراني و يقتل قاسم سليماني ويضع المنطقة على شفا حرب كان العرب سيكونون أول ضحاياها و يتبع ذلك بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية في منتصف معركة العالم مع فايروس كورونا متهمها بالتواطؤ الآثم مع الصين مصدر الوباء ، و يبدو أن الرجل والذي كان لا شيء سيمنعه من ولاية ثانية لم يدرك أن هذا الفايروس بالذات الذي خبأه له القدر سيهزمه بالتعاون مع الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد و ردة فعله على هذه الاحتجاجات و التي أبانت عن عنصريته و عدم صلاحيته لرئاسة هذه الدولة التي يتمحور العالم حولها و التي تحوي كل أعراق الدنيا ، و لهذين العاملين بالذات تميزت أشهره الأخيرة بالتخبط و التردد حتى هوت به بنسلفانيا أخيرا ليفقد كل شيء رغم إنكاره المستمر على أنه لا زال هو سيد الولايات الخمسين والمقاطعة ، يضاف الى كل ذلك توترات اصطنعها مع أكبر جيرانه كندا و المكسيك فقط بافتعال أمور عبثية ليظهر للأمريكيين أنه المخلص للأمة والحريص الأوحد الذي يرى ما لا يراه غيره .
و هنا و ليس تقليلا من شأن الرئيس الجديد جون بايدن و خبرته الكبيرة و التي لا يختلف عليها اثنان ، و لكن يستطيع المرء أن يقولها بضمير مطمئن أن هذه الانتخابات المثيرة لم تكن إلا معركة لترامب ضد نفسه و نتيجتها هو أنه خسرها بغض النظر عن الآخر ، و يبدو أنه و رغم أن طريقته أو ما أصبح يسمى (بالترامبية) ستبقى حالة في السياسة الأمريكية و سيتكرر ترامب الأول في قادم السنين و ربما ستنتقل عدواه الى دول أخرى إلا أن السنوات الأربعة القادمة من دون ترامب ستكون حتما أقل توتر نسبيا سواء أمريكيا أو دوليا ، و سيعاد قراءة كثير من القرارات و الآثار التي تركها ترامب و سياسته الشعبوية .
و لأننا في الشرق الأوسط ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكثر العناصر فعالية في تسيير بوصلة المنطقة سواء في الصراع العربي الاسرائيلي أو الدور الايراني المتعاظم أو حتى ملفات حقوق الانسان فإننا نأمل أملا مشوبا بحذر أن تكون الإدارة الأمريكية الجديدة عامل بعث لارتياح في كل تلك الملفات و غيرها قبل أن يعود ترامب بنفسه أو أحد نسخه لإكمال مشروع السمسرة و المتاجرة في هذه المنطقة و التي لا ثابت فيها بكل الأحوال سوى كيان صهيوني متمكن و نفط عربي ثمين .