كتب ماجد القرعان
وكما قال المثل الشعبي ” بين حانا ومانا ضاعت لِحانا ” ذلك هو الواقع المرير الذي تعيشه المملكة الاردنية الهاشمية في ظل جائحة كورونا وقرب اجراء الانتخابات النيابية حيث لا مفر من ذلك وقد بتنا في مأزق دستوري صعب للغاية من مختلف الوجوه والحال أمر من المر .
فتأجيل الانتخابات بسبب الجائحة القاتلة والذي هو من صلاحيات الملك يتم لمرة واحدة واقصاه الى اليوم السابع والعشرين من شهر كانون الثاني المقبل وحيث لا مؤشرات بزوال خطورة الجائحة ان لم تزداد خطورة وبالتالي يأتي الخيار الثاني ان لم يتم اجراء الانتخابات الى عودة المجلس السابق الذي فقد شرعيته شعبيا وبعودته سنزيد الطين بلات وليس بلة واحدة .
الحقيقة الثابتة والتي يعيها ويعرفها المشرعون وصناع القرار في وطننا وبخاصة من شاركوا بالتعديلات الدستورية أن التعديلات التي جرت قيدت صلاحيات جلالة الملك في أمر حل البرلمان واجراء الانتخابات وتأجيلها وفقا لما تقتضيه الأحوال والظروف كما ربطت ما بين حل البرلمان وحل الحكومة التي يتم حل البرلمان في عهدها دون الأخذ بعين الاعتبار أنه قد يكون هنالك حكومة جيدة وبرلمان دون المستوى أو العكس وأهمية الرأي العام تجاه أية حكومة وأي مجلس نواب أو السلطتين معا والذي كان يدفع جلالة الملك بصفته ضامن الدستور الى اتخاذ القرار المناسب سواء بحق المجالس النيابية أو الحكومات دون الربط بينها .
أما الحقيقة التي ما زلنا نتجاهلها ونضع رؤوسنا في الرمل كالنعامه لكي لا نخطو الى الأمام ونقدم عليها اننا في معركة كبرى مع الجائحة وأننا فشلنا في تكييف واستخدام مواردنا وقدراتنا لمواجهتها وأن هنالك تخبط في التعامل الرسمي معها الذي ما زال على شكل فزعات وقرارات غير مدروسة وتنظير اعلامي وقد بتنا على بعد خطوة واحدة لنكون الدولة الأولى في العالم في اعداد الاصابات والوفيات نسبة لعدد السكان .
المرحلة التي نمر بها تتطلب قرارا شجاعا دون اية حسابات للغير والتي تعتبر شكلية اذا اما اردنا اعادة ترتيب الأوراق يتصدر ذلك حماية ارواح المواطنين وبدء خطوة اصلاحية حقيقية ويتمثل باعلان حالة الطوارىء التي لم تلجأ اليها القيادة منذ أكثر من ثلاثة عقود ونيف .
اعلان حالة الطوارىء الذي يجب ان يرافقه توضيح شافي للعالم اجمع بدوافع القرار على انه شأن محلي ( لا علاقة له بحقوق الانسان والديمقراطية التي يتغنون بها ) وأنه ينسجم مع واقع امكاناتنا سيسمح لجلالة الملك ان يتخذ ما يراه مناسبا من قرارات ومن ضمن ذلك تعطيل الحياة البرلمانية أو تاجيل اجراء الانتخابات الى الوقت الذي سيمح بذلك واتخاذ اية قرارات اخرى تساعد الدولة الاردنية على مواجهة هذا الوباء العالمي .
قيمة القرار تتعدى الخروج من مازقي مواجهة الجائحة ومخاطر اجراء الانتخابات فقد تكون البداية لخطوات اصلاحية ناجعة تشمل كافة المجالات والثقة كبيرة بجلالة الملك المصطف دائما الى جانب شعبه بان لا يتم استغلال قرار اعلان حالة الطوارىء من قبل أي كان للتغول على مراكز السلطة أو التنفع والتكسب … والله من وراء القصد .