وطنا اليوم- خاص- تعيش سوريا مرحلة دقيقة تتشابك فيها الملفات الداخلية مع التوازنات الإقليمية والدولية، وسط ضغوط اقتصادية وأمنية غير مسبوقة. وفي هذا السياق، يبرز الرئيس أحمد الشرع بوصفه قائداً يتمتع بقدرة لافتة على التعامل مع هذه التحديات بمهارة وحنكة سياسية، واضعاً نصب عينيه هدف الحفاظ على وحدة الدولة ومنع انزلاقها إلى سيناريوهات الفوضى.
على الصعيدين الاقتصادي والأمني، ورث الشرع وضعاً مثقلاً بتداعيات الحرب والعقوبات، لكنه تمكن من تثبيت حدٍّ من الاستقرار النقدي، وفتح قنوات تعاون جديدة مع دول صديقة لتأمين الاحتياجات الأساسية. أما في الجانب الأمني، فقد اتبع مقاربة متوازنة تقوم على الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية، واحتواء بؤر التوتر قبل أن تتحول إلى أزمات شاملة.
وفي الجنوب، شكّلت أزمة السويداء اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الدولة على إدارة ملفات شائكة تجمع بين البعد الاجتماعي والسياسي. هنا، اختار الرئيس الشرع أسلوب الحوار مع الفعاليات الأهلية والدينية، مترافقاً مع إجراءات أمنية محسوبة، الأمر الذي ساهم في تهدئة الموقف وإجهاض رهانات خارجية كانت تراهن على تفجير الوضع.
كما برزت جهود الشرع في التعامل مع ملف “قوات سوريا الديمقراطية” من خلال السعي إلى إدماجها في الجيش السوري ضمن صيغة تضمن وحدة القرار العسكري، وتؤمّن شراكة محلية تحت سقف الدولة. هذه الخطوة، إذا اكتملت، ستشكل تحوّلاً استراتيجياً يحصّن الجبهة الداخلية ويقطع الطريق على مشاريع التقسيم.
وفي الشمال الشرقي، حاولت بعض القوى استغلال مؤتمر الحسكة لتحويله إلى منصة لتدويل الأزمة السورية، غير أن تحركاً سياسياً ودبلوماسياً نشط من قبل دمشق، بإشراف مباشر من الرئيس الشرع، نجح في إفشال هذه المحاولة ومنع منح المؤتمر أي شرعية داخلية أو غطاء دولي، ما أكد تمسك الدولة بحق السوريين في تقرير مصيرهم بعيداً عن الإملاءات الخارجية.
ورغم أن الطريق ما زال طويلاً أمام إعادة بناء سوريا على أسس أكثر تماسكاً وشمولية، فإن أسلوب إدارة الشرع للأزمات يعكس فهماً عميقاً لطبيعة الصراع، وقدرة على موازنة ضرورات الحاضر مع استحقاقات المستقبل، في سعيٍ لإعادة البلاد إلى موقعها الطبيعي إقليمياً ودولياً.