وطنا اليوم:يواجه الأردنيون صعوبة في الدخول إلى تطبيق “clubhouse” لغرف الدردشة الصوتية، ملتفّين على حظر رسمي غير معلن للتطبيق من خلال برامج تجاوز الحجب.
وبدأ نجم التطبيق بالصعود في الأردن، بعد ظهور قضايا شغلت الرأي العام الأردني، كقضية “الفتنة” المتهم بها الأمير حمزة ورئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، ووجد معارضون أردنيون في التطبيق فرصة لخلق حوارات بسقف مرتفع بعيدا عن منع النشر الذي فرضته السلطات الأردنية على القضية.
ظهر تطبيق “clubhouse” في شهر نيسان/ أبريل من العام 2020، وأطلقه كل من باول دافيسون وروهان سيث، الموظّفين السابقين في شركة “غوغل”، وذلك بعد أن حصلا على تمويل أولي قدره 12 مليون دولار من صندوق التمويل الاستثماري “أندرسون هورو-ويتز”، وحصرا استخدامه بين حاملي أجهزة “آيفون” فقط، واشترطا دعوة من أحد مستخدمي التطبيق، ليتمكن المستخدم المستجدّ من دخول “كلوب هاوس”، والاستمتاع بالأحاديث والنقاشات التي تدور في غرفه المتنوعة، إلا أن التطبيق توسع، ليشمل مستخدمي أندرويد مؤخرا، ما زاد من عدد مستخدميه في الأردن.
سقف مرتفع
الناشط في مجال حقوق الإنسان، جواد الجعافرة (لاجئ سياسي أردني في ألمانيا)، يقول إن “السلطات الأردنية تنبهت في وقت مبكر لـ”الكلوب هاوس”، الذي جمع من خلال الغرف المتضادات، والمتناقضين في الفكر، ونوعية من المشاركين على درجة على الوعي، وحجم سقف مرتفع جدا، حيث وضع كل شيء تحت النقد”.
وحسب الجعافرة الذي ينشط في غرف تناقش الوضع العام الأردني، فإن “من مميزات الكلوب هاوس أنه مباشر، وبحجم حرية كبير، ويحتوي على مستمعين جيدين، خصوصا من الشباب ومتحدثين خبراء، كما أن الناس متعطشة للحديث والتعبير عن وجهات نظرها، وهذا يخيف السلطات”.
الأمر الآخر الذي يلفت إليه الجعافرة أن “الشخصيات المعارضة، سواء كانت في الداخل أو الخارج، باتت على تواصل مباشر بالحديث مع المواطنين، لا توجد حواجز، تطرقت الغرف إلى مواضيع منع الإعلام من تناولها، مثل قضية الأمير حمزة، وقضايا مثل التوجه إلى الحدود لنصرة الشعب الفلسطيني، وغيرها. التوقيت جاء في وقت مناسب، في ظل قضايا شغلت الرأي العام الأردني “.
“قضية الفتنة”
أما الناشطة ديما الخرابشة، احدى رواد “كلوب هاوس”، فتعتقد أن التطبيع انتشر بين الناشطين والناشطات في الأردن بداية العام الحالي من مختلف الأجيال والتوجهات، ما ساعدهم في الوصول إلى شرائح لم يصلوا إليها من قبل، في غرف حملت عناوين وقضايا مختلفة.
وتقول إن سياسة هذا التطبيق لم تتناسب والجهات الرسمية في الأردن، حتى تم حجب التطبيق عن المستخدمين، وأصبح لا يعمل إلا بخاصية “VPN”.
إلا أن الخرابشة ترى أن حجب التطبيق كان “وسيلة أكثر لانتشاره، وتأكيدا على أن ما يحدث داخله مهم”.
وتضيف أن “هناك جهات تسمع النقاشات والمواضيع التي تناقش فيه، وهناك تخوف من هذه الحوارات بين شرائح وخلفيات مختلفة من المجتمع في نفس المكان، وأبرز الأمثلة على تلك الأحداث في الأردن حادثة ما سميت الفتنة، حيث كان كلوب هاوس أول مصدر للمعلومات من بعض الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم المعارضة الخارجية، وهذه الغرف فقدت أي نوع من أنواع العلمية والموضوعية في النقاش، لكنها كانت مصدر معلومات للكثير داخل وخارج الأردن لمعرفة الأحداث، ومن ثم الصحافة الغربية”.
“أسباب غير معروفة”
وتتساءل الإعلامية عروب صبح: ما هي أسباب الحكومة لمنع منصة كلوب هاوس؟ وتقول: “هم بالعادة لا يعلنون أسبابهم، التضييق على الحريات بشكل عام أصبح أمرا تمارسه السلطة على الصحافة والرأي العام، كل شيء حساس بالنسبة لهم، قضية نقابة المعلمين، الفتنة، الدعجة والعنوز”.
وتعتبر أن “صانع القرار وما يصدر من تصريحات مؤخرا عن وزير الإعلام ورئيس هيئة الإعلام، من ضرورة ضبط مواقع التواصل، أمر لا يشي بالخير فيما يتعلق بحرية التعبير وحرية الصحافة”.
وتضيف: “الملفت أن الناس دائما يجدون حلولا لما تعتقده الدولة طرق تقييد للحريات، وهم في هذه الحالة يضعون أنفسهم تحت سيف المساءلة والتعقب والمضايقات”.
نفي رسمي
رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، غازي الجبور، شدد في مؤتمر صحفي أن “لا علاقة لنا بأي شيء يتعلق بحجب تطبيق كلوب هاوس في الأردن”.
وقالت الهيئة، في تصريح صحفي آخر، إنها عادة ما تقوم بحجب التطبيقات في حال ورود طلب من جهة ما، وتقوم بدراسة الطلب وتنفيذه، ولكن في حالة “كلوب هاوس”، فلم يردها أي طلب لحجب التطبيق حتى اللحظة.
ولا تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تحجب فيها السلطات الأردنية شبكات التواصل الاجتماعي أو الخدمات التي تقدمها تلك الوسائل، وأفادت منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) الحقوقية، بأن السلطات الأردنية “تفرض قيودا على الإنترنت” في أثناء التظاهرات التي تشهدها مدن في المملكة.
ويتهم معارضون أردنيون سلطات بلادهم بمحاولة حجب أصواتهم؛ من خلال تعطيل خاصية مشاهدة البث المباشر على موقع فيسبوك، الذي بات ساحة لشخصيات أردنية سياسية معارضة مقيمة في الخارج رفعت من سقفها في نقد الحكومة، إضافة إلى وقف البث المباشر في محيط اعتصامات واحتجاجات مثل اعتصامات نقابة المعلمين.
من جانبه، أوضح وزير الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن، أحمد الهناندة، في تصريح صحفي سابق، أن “شبكات الاتصالات والإنترنت تعمل في المملكة بشكل طبيعي، وأنه لا يوجد أي وقف أو تقييد لأي من الخدمات”، لافتا إلى أنه “من الناحية الفنية، فجميع شبكات الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تعمل من دون أي معوقات”.
“التطبيق محجوب”
المدير التنفيذي لجمعية المصدر المفتوح، عيسى المحاسنة (المنظمة غير الربحية التي تعمل من أجل أردن أفضل من خلال الانفتاح التكنولوجي)، يؤكد أن تطبيق (clubhouse) محجوب في الأردن؛ إذ لا يستطيع المستخدم الدخول إلا بعد تجاوز الحجب من مواقع الـVPN.
يقول : “التطبيق محجوب على جميع مزودي خدمة الإنترنت من شركات الاتصالات، وحسب دراسة قمنا بها في الجمعية، كانت طرق الحجب مختلفة، وليست حجبا مركزيا من قبل نقطة تتحكم في الإنترنت بالأردن، واذا ما عدنا لطريقة حجب المواقع الإخبارية غير المرخصة، نجد أن الطريقة قريبة من خلال إرسال أوامر لشركات الاتصالات لحجب موقع ما”.
ويعيد المحاسنة سبب حجب “الكلوب هاوس” من قبل الأردن وبعض الدول العربية لأمور تتعلق بحرية التعبير: “ما يميز هذا التطبيق عن غيره من وسائل التواصل الاجتماعي هو صعوبة الرقابة، كون التطبيق يحتاج إلى موافقة مسبقة من المشرف لدخول الأعضاء، كما أنه لا يقوم بأرشفة الحوارات التي تختفي في حال انتهاء الجلسة”.
وتزعج شبكات التواصل الاجتماعي الحكومة، وعبّر مسؤولون أردنيون عن ذلك صراحة، وقال وزير الدولة لشؤون الأعلام والاتصال صخر دودين، الأربعاء الماضي، إن “هنالك حاجة لتنظيم محتوى مواقع التواصل؛ بالحد من الشائعات التي تنتشر عليها”.
وألمح في ندوة بجامعة الشرق الأوسط، إلى احتمالية إقرار تشريعات تتعلق بشبكات التواصل، “هناك دول بدأت تقر قوانين لتنظيم محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، الحكومة تدرك أهمية الإعلام، ولا تريد أن تقيده”، لكنه أكد في الوقت ذاته أن “هناك حاجة ماسة لهذا التنظيم”.
وسبقه في هذا الطرح مدير هيئة الإعلام، طارق أبو الراغب، الذي قال، الاثنين الماضي: “المشهد الإعلامي اليوم بحاجة إلى عدم السماح لمنصات التواصل الاجتماعي بخطف الرأي العام باتجاه مغاير لما هو على أرض الواقع”.