محمد داوديه
تتجه انظار مراكز صنع القرار في الإقليم والعالم، الى مخرجات المعركة الفلسطينية – الاسرائيلية الدموية الأخيرة، التي رغم ما جرّت على الشعب العربي الفلسطيني من أهوال، وما اوقعت من شهداء واصابات وخسائر مادية، الا انها تكللت بنصرين بارزين:
نصر سياسي لا لبس فيه، تمثّل في انكشاف وانفضاح وتعرية وجه ومحتوى هذا الكيان الصهيوني الوحشي، القائم على العدوان والإرهاب والذبح والتوسع والإستيطان والتمييز العنصري واحتقار المجتمع الانساني وقراراته كافة.
ونصر عسكري-امني مؤزر فجّرته مفاجأة حماس الصاروخية، التي اوقعت خسائر ودمارا ورعبا وزلزالا في اسرائيل، عجزت قوتها الجوية والإستخبارية المتفوقة عن اجتثاثه.
كما ان اسرائيل التي هي حاملة طائرات مدججة، لم تَجسُر، بسبب حسابات الخسائر الفادحة، على خوض حرب برية لتحرير الرهائن العسكريين والمدنيين الاسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
بالنسبة لحماس فقد حان وقت اجراء اكثر الحسابات صعوبة ودقة وتعقيدا من اجل ان يكون القطاف والجني ممكنا و وفيرا.
لقد انعشنا كلنا هذا النصر الفلسطيني العظيم الذي يحتفل به شعبنا العربي الأردني احتفالا يماثل ويعادل احتفال الشقيق الفلسطيني به. فنحن شركاء في المواجهة.
لقد دعوت في اللقاء الذي عقده التلفزيون الأردني ظهر يوم امس الاول، وحال انقطاع الكهرباء دون بثه، الى الانفتاح على حماس ومعاودة الإتصالات معها. ومن باب اولى، الانفتاح على “الجماعة” هنا واعادة ترسيم حدود الحركة وتحديد مدياتها بالبيكار !!
لقد انتقلت حماس، من الشراكة مع فتح الى احتلال موقع اللاعب الاول -وليس الأوحد- في كابينة القيادة الفلسطينية.
وان هذا الواقع الجديد يستدعي المزيد من الحوار والتنسيق والتفاهم بين حركتي الشعب الفلسطيني الرئيستين ومختلف الفصائل الفلسطينية على قاعدة ان اتحادكم او وحدتكم قوة لكم.
فالسعي الى الإنفراد بقيادة القاطرة الفلسطينية وتحقيق اعادة اعمار غزة، هما المتطلبان اللذان ستحرص حماس على التفاوض من اجل الحصول عليهما.
فالمسألة المهمة الكبيرة التي ستصبح مطروحة بقوة عمّا قريب، هي “تأهيل حماس” ! وفي الخلفية تجربة تأهيل حزب الله اللبناني واشراكه في العملية السياسية النيابية والحكومية.
وفي باب تأهيل حزب الله، ما يزال الحديث يجري في نزع سلاحه، وهو ما سيكون ابرز متطلبات تاهيل حماس واخواتها وفق منطق التحول من الثورة الى الدولة.
ومعلوم ان شيفرة وشُعَيرة سلاح حزب الله موجودة بالكامل في طهران.
ولكننا نسجل اختلافا واضحا بين حالتي حزب الله وحماس. فاذا كانت المرضعة واحدة، فإن الداية ليست واحدة !!
واعتبارا من الآن، يجدر ان يتأمل العرب ويتدبرون تصريحات السيد اسماعيل هنية التي كشف فيها ان تمويل وتسليح حماس وتزويدها بالتقنيات العسكرية الضرورية جاء من ايران.
وهو متطلب عاجل يجب ان تتولاه دول الخليج العربي كي لا نقع في الورطة اللبنانية الهائلة.