بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
يدرك الجميع ان جوهر عملية الإصلاح السياسي في الأردن ترتكز الى ثلاثة محاور أساسية المحور الأول هو قانون انتخاب جيد عليه توافق وطني ويضمن نزاهة حقيقية للانتخابات، اما المحور الثاني فهو قانون الأحزاب السياسية وكلاهما يعتمد على جودة الاخر؛ اما القضية المهمة الثالثة وهي اجراء تعديلات دستورية تمهد لحكومة برلمانية حقيقية ، وحتى لا يفهم المتصيدون كلامي خطأ نحتكم الى فكر جلالة الملك الذي وضحه حول هذه المسألة في أوراقه النقاشية، علنا نخرج من حالة الجمود والاستقطاب والتناحر والتخوين والطعن الى حياة سياسية رحبة يتنافس فيها الراغبون بالعمل العام لخدمة القضايا الوطنية وليس الاجندات الشخصية.
هناك قضية مهمة نتناولها دائما دون الغوص بإعماقها وهي ماذا يريد الشباب وماذا نريد من الشباب عندما يتحركون بمطالبهم الإصلاحية، تكال لهم كل التهم وللأسف من الشريحة التي تعتبر نفسها مثقفة بغية تحقيق مكاسب ووعود بترقية هنا وهناك ونشاهد الأقلام والتحليلات والتبريرات والتخوين، فندخل في دوامة صراع نقف فيه كل منا ضد الاخر دون الوصول الى نتيجة.
ضبط الشارع وتوجيه بوصلته باتجاه المصالح الوطنية لا يمكن ان يكون باستخدام القوة وان كانت القوة ضرورية لحفظ امن الوطن واستقراره، ولكن علينا تعريف من هو عدو الوطن أساسا، ومن الذي يهدد مصالحه حتى نخلق جيلا مؤمن بوطنه وقضاياه لا مهمشا بائسا مكمم الافواه، ونحن نعلم بوجود فئة لا شغل لها الا تشويه المشهد الوطني.
وحتى لا تبقى المقالات انشائية بلا مضمون او هدف فإن المقترحات التي يتضمنها هذا المقال ونأمل ان يطلع عليها صناع القرار للخروج من حالة الشك الى اليقين تتمثل بتشكيل لجنة من الخبراء المحايدين لوضع تصور حول مرتكزات الإصلاح السياسي” وهنا نستذكر أولئك الذين وضعوا دستور الولايات المتحدة قبل 250 عاما وبنوا دولة تقود العالم” وتقديم قراءة لمشروع قانون للأحزاب وقانون الانتخاب وآلية التحول الى حكم برلماني حقيقي.
وأتوقع في حال تشكيل لجنة خبراء بدعم ملكي لتقوم بهذه المهمة سيُمكنها من وضع كافة التصورات العميقة حول قوانين الإصلاح السياسي وعرضها للراي العام ليطلع عليها ليدور حولها حوار ضمن مدة محددة ثم تعرض على البرلمان الحالي ليقوم بإقرارها ، ومن ثم تجري الانتخابات البرلمانية في جو من الثقة والاحترام، ونعزز بالتالي ثقة المواطن بمؤسساته الرسمية، ان تقوية مؤسسات الدولة لتقوم بعملها بعيدا عن الشخصنة وممارسة أدوارها لهو هدف حري بنا ان نعمل من أجل تحقيقه.
ان حالة عدم الثقة جسدتها ممارسات وصراعات قادها متنفذون لإبقاء مكتسباتهم دون المساس بها، وعمقها نفوذ طبقة البزنس وتجييرها كل شيء لخدمة مكاسبها مما جعل من استعادة ثقة المواطن بمؤسساته امراً في غاية الصعوبة ويحتاج الى عمل دؤوب ومركز وليس عملا مشتتا واستعراضيا امام الكاميرات ووسائل الاعلام لتضييع الوقت.
استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري