بقلم : أ. د خليل الرفوع
في زمن الرقمنة العلمية والمنافسة الإقليمية والعالمية وتعزيز الهوية الوطنية وصولا إلى استقلالية الجامعات وبناء الشخصية التكاملية للطالب يظهر الحرص على تقييم جامعاتنا والتفكير الواقعي المنظم في التطوير وتقويم الاعوجاجات وتعزيز النجاحات ، فمهمة رئيس الجامعة قيادية تشاركية تستمد من البيئة الجامعية أساتذةً وإداريينَ المشورة للبناء والإنجاز، فالجامعة مؤسسة تحتاج رؤية شاملة وتجديدا متواصلا كيلا تتآكل من داخلها فتصيبها أعراض الشيخوخة وأغلب مَنْ فيها شباب مقبلون على الحياة.
أقول ذلك، وقد بدأت إدارة جامعة مؤتة بإعداد خطة استراتيجية مقترحة للنهوض بمسار الجامعة رؤيةً ورسالةً وأهدافًا وغاياتٍ، وهي خطة تنطلق من استشراف زمني لخمس سنوات يؤمل منها أن تغير واقعًا – مختلفًا فيه – نحو الأفضل، وهنا يسجل المعروف خيرًا لكل الإدارات السابقة التي اجتهدت في العمل، ولكن التشاركية في الرأي والعمل ملمح مهم في تعزيز التعاون والثقة والعمل.
ما يريده رئيسها هو الريادة لها في البحث والتدريس والتنمية الدائمة المتجددة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وترسيخ الانتماء الوطني من خلال التفاعل الطلابي العام وتحسين الخدمات المقدمة لهم أثناء دراستهم لتأهيل خريجيها للمنافسة، وانفتاحًا مؤثرا في المجتمع المحلي، وزيادة الجودة في برامجها لتحظى بالاعتماد الدولي، ولن يكون ذلك إلا بمراجعة خطط المساقات المطروحة واستقطاب الطلبة وتطوير التعلم الإلكتروني والاهتمام بالإيفاد والابتعاث وإيجاد مراكز بحثية ترعى البحث والإبداع والابتكار، والمؤمل كذلك أن ترقى هذه الخطة – التي عُرِضَتْ على جميع العاملين – إلى التطبيق الواقعي كي يُلمس بدايات نهضة منتظرة ستؤتي أكلها ولو بعد حين.
إن كل مسؤول في إدارته هو على ثغر فلا يُؤْتينَّ من قِبَله، فجامعاتنا تحتاج إلى إدارات تخطط وتنفذ ببصيرة لا تخشى مراقبة مجلس التعليم العالي ومجالس الأمناء الذين تقزمت أدوارهم دون أن يكون لهم مبادرات في التنسيق بين الجامعات أو مشاريع اجتهادية في التغيير.
لعلها البشرى الأولى من رئيس جامعة مؤته أنه شرع بطرح خطة متكاملة للتطوير ، منتظرًا مقترحاتٍ تضيف أفكاراً جديدةً لتكونٌ تغذيةً راجعة ناضجة ، فالتغيير ضروري لتجدد الحياة في مفاصل الجامعة وأنظمتها وتعليماتها وخططها وبرامجها ومواردها ومصروفاتها وجودة مبانيها وقاعاتها وحتى في أسماء كلياتها وأقسامها ، وحينما تكون الجرأةُ محميةً بالشفافية والنزاهة والإخلاص والصدق فإن صاحبها يسير مطمئنًّا واثقا لا يخشى إلا الله تعالى، وكم تحتاج جامعاتنا لهؤلاء الأكاديميين الوطنيين الذين يسيرون على مواقد الجمر لكن مشاريعهم تمور في ضوء النهار بالأمل والنجاح.