بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
ثمة انتقادات واسعة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقابلات تلفزيونية شارك فيها أصحاب خبرة، ومقالات عبر المواقع الالكترونية تؤشر على حالة من الإحباط لدى شريحة واسعة من أبناء المجتمع عند اعلان التعديل الأول على حكومة الخصاونة، وبعين المراقب لما يجري ولطبيعة الاهتمام بالشأن العام نحاول قدر الإمكان ترجمة رد فعل الشارع بمقال قصير خفيف يُعبر عن كل هذه التساؤلات التي تتردد وتثير الشارع مع كل تشكيل حكومي او تعديل.
وحقيقة الامر ان ما يجري دون مبالغة يُنطق الاخرس ويُسمع الاصم من هول التخبط وعدم وضوح الرؤيا والتدوير الحاصل عند التشكيل او التعديل وبطبيعة الحال من حق أي مواطن ان يتحدث وينتقد الواقع السياسي، ويقدم تصوراته على قدر فهمه علما بان المواطن مُغيب تماما عن التأثير او المشاركة بالعملية السياسية نتيجة الاحباطات المتكررة الموثقة بالتجارب التي عايشها على صعيد الانتخابات البرلمانية او الأحزاب والدور المغيب للبرلمان عند تشكيل الحكومات.
الدستور ينص على ان النظام السياسي في الأردن يأخذ بالنظام البرلماني باعتبار مجلس النواب المنتخب ركن مهم في النظام السياسي؛ وان الامة مصدر السلطة، الا ان تشكيل الحكومات وتعديلها واقالتها واستقالتها لا يعطي أي مؤشر لوجود أي تشابه مع الأنظمة البرلمانية؛ مما يعزز النظرة السلبية لدى المواطن العادي والمراقب السياسي بان الطابع الشخصي حاضر عند التشكيل والتعديل وإعادة انتاج الوزراء، وقد شاهدنا نقدا لاذعا من أستاذ العلوم السياسية الدكتور محمد القطاطشة عن الطريقة التي اقيل بها وزيري الداخلية والعدل.
ان حالة عدم الثقة في الحكومة تتعزز كل يوم نتيجة الممارسات اليومية وان النظرة للمنصب العام هي اهتمام شخصي لتحقيق مكاسب شخصية والوزير القادم الى هذا المنصب يعرف انه سيغادره بعد بضعة اشهر فلذلك لن يتولد لديه أي دافع للعمل وبنفس الوقت يُغري المستوزرين بالسعي الدائم لخلق أجواء تعديل لعلهم يظفرون بمنصب.
الأردن دولة فقيره يثقل كاهلها جهاز بيروقراطي كبير كما يشكل العدد الهائل من الوزراء الذين وصل عددهم اكثر من 600 وزير متقاعد ناهيك عن وظائف الفئة العليا الأخرى حملا ثقيلا وكبيرا على المال العام .
ولان طريقة اختيار الفريق الحكومي لا تشبه أي طريقة اختيار في العالم الديمقراطي وتفتقر الى برامج عمل محكومة بزمن محدد فإن المسؤول في الحكومات لا يتحمل أي مسؤولية عن تقصيره كيف لي أن احاسب وزيراً بقي في منصبه 3 اشهر مثلا، وهذا ما أدى الى التسامح مع كل الأخطاء التي ترتكب وتحمل الدولة خسائر وديون لان الوزير لا يُسأل وغالبا يسود التفكير لدى الأغلبية مقولة “مشمشية وتعدي”.
من حق رواد مواقع التواصل الاجتماعي ان يعبروا عن امتعاضهم بالسخرية من خلال ما هو متاح في هذا الفضاء الالكتروني والذي اصبح يشكل ازعاجا واضحا للحكومات حتى يَرون أسلوبا اخر يعطيهم الامل بالتغيير كون مجلس النواب لا حول له ولا قوة.
في المئوية الثانية وجه الملك الى جملة إصلاحات سياسية كما أشار الأمير حسين ولي في لقاءه التلفزيوني بأنه لا بد من تعزيز المؤسسية حتى يبقى الأداء تراكميا وهنا أتساءل؛ ما الجديد بنقل وزير من الاعلام الى الثقافة وبالعكس وما هو الدور المطلوب من وزير الاعلام فعلا؟.
الا يستحق هذا الوطن حكومة رشيقة بـ 12 وزير يعملون من أجل الوطن ويحملون همومه على اكتافهم بدلا من وزراء لحمل الألقاب دون عمل … نأمل ذلك في التعديل الثالث على حكومة الخصاونة.
أستاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري