ملف نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة

دقيقة واحدة ago
ملف نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة

قراءة تحليلية د. سعيد محمد ابو رحمه

يُعد ملف نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة أحد أكثر القضايا تعقيدًا في سياق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وقد برز مؤخرًا كمحور رئيسي في اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. اللقاء أفضى إلى موقف مشترك يشترط نزع سلاح المقاومة، وتحديد مهلة زمنية تمتد لشهرين كحد أقصى لإنجاز هذا الهدف، كشرط للانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار.
لكن ما يحاول نتنياهو تسويقه إسرائيليًا ودوليًا يصطدم بواقع مختلف تمامًا على الأرض. فخطاب الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة كان بمثابة رد مبكر، حين أكد أن ما تملكه الحركة هو البنادق فقط، في إشارة إلى أن الحديث عن ترسانة عسكرية ضخمة مبالغ فيه، خاصة وأن غالبية سلاح المقاومة هو تصنيع محلي، وقد تضرر بشدة نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف خلال الحرب الأخيرة.
ورغم أن قطاع غزة لا يملك موارد دولة أو قدرات تسليحية تضاهي ما تملكه إسرائيل، إلا أن نتنياهو، مدفوعًا باعتبارات داخلية وتحالفات سياسية، يحاول تضخيم الملف. والأخطر أن بعض المنصات الإعلامية العربية والدولية ساهمت في الترويج والتضخيم لرواية التهديد العسكري الهائل الذي يمثله سلاح المقاومة، مما خلق تصورًا غير دقيق بأن قطاع غزة يمتلك ما يوازي السلاح الأمريكي-الإسرائيلي.
هذا التصعيد في الخطاب لا يأتي من تل أبيب وواشنطن فقط، بل بدأ ينعكس على مواقف عدد من الدول المانحة، التي بدأت تربط تمويل عملية إعادة الإعمار بشكل مباشر بملف نزع السلاح، وهو ما يُنذر بمفاقمة معاناة السكان المدنيين الذين يدفعون ثمن هذه الاشتراطات.
إن التحدي اليوم لا يكمن فقط في المواقف السياسية المتضاربة، بل في ضرورة الوصول إلى مقاربة متوازنة تحمي حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة. فغزة لا تحتاج إلى مزيد من العقوبات أو الحصارات، بل إلى مسار سياسي واقعي يوازن بين الأمن والعدالة والكرامة.