وطنا اليوم _
أحالت الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون للتصديق على اتفاقية تعدين النحاس في منطقة “أبو خشيبة” بوادي عربة، مقدمةً إياها بوصفها فرصة اقتصادية واعدة. وإذ نؤكد على أهمية استثمار الموارد الطبيعية باعتبارها رافعة للاقتصاد الوطني، وأداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي طالما دعت إليها الحركة الوطنية الأردنية، بما يسهم تدريجياً في انتشال البلاد من أزمتها المالية الخانقة ويمثل خطوة ضرورية على طريق الاعتماد على الذات؛
فإننا، وانطلاقاً من الحرص الشديد على المصالح الوطنية العليا، نتوقف عند ثغرات خطيرة وردت في الاتفاقية. وسعياً لمعالجتها، نقدم مقترحات متكاملة لتعديلها بصيغة (قانونية– اقتصادية– سياسية) ملموسة، تهدف إلى سد الثغرات السيادية وحماية حقوق الشعب الأردني. إن القراءة المتأنية للصيغة المطروحة تثير تساؤلات جوهرية: أين تقف السيادة الوطنية؟ وما الذي يمنع ملكية الدولة لنسبة 51% لحماية الثروات؟ ومن يضمن ألا يتحول الاستثمار إلى امتياز طويل الأمد بلا عائد حقيقي؟
تؤكد الأحزاب المشاركة أن هذه التعديلات تجعل الاتفاقية قابلة للدفاع عنها برلمانياً وقضائياً، وتُخرجها من دائرة المخاطر إلى إطار تنموي ملتزم.
ابرز الملاحظات
أولًا: مكامن الخلل الجوهرية في الاتفاقية
• غياب الشريك السيادي: تفتقر الاتفاقية لوجود شريك وطني يمثل الدولة بنسبة لا تقل عن 51%، مع وجود فراغات في الملاحق (البيانات، الأسماء، الأرقام المالية، والمحكمات المعيارية البيئية) يجب تعبئتها قبل التصويت.
• الراعي المجهول: وجود “راعٍ فني ومالي” غير محدد الهوية أو العنوان، يمنحه النص حقوقاً لا تقل عن حقوق المطور نفسه.
• الشركات التابعة والسرية: الإشارة إلى شركات تابعة مجهولة تسيطر أو يُسيطر عليها، مع وجود نص يفرض السرية حولها حتى أمام مجلس الأمة والقضاء، مما يثير شبهات حول الشفافية.
• الهشاشة القانونية للمطور: التوقيع مع شركة “ذات مسؤولية محدودة” وإقحام شركة “مساهمة عامة” (تحت التأسيس) كطرف، يضع حصة الدولة في موقف ضعيف قانونياً.
ثانيًا: الخلل المالي والرقابي
التلاعب في الإيرادات: الإتاوات تُحتسب وفق تعريف فضفاض يفتح الباب للتلاعب المحاسبي عبر خصم كلف النقل والتسويق أو “التسعير الداخلي” بين الأطراف المرتبطة.
ثالثًا: التشغيل ونقل القيمة
غياب ضمانات التشغيل: تخلو الاتفاقية من نسب تشغيل محلية ملزمة، مما يهدد بتكرار تجارب الوعود الكبيرة التي تنتهي بوظائف هامشية ومؤقتة.
رابعًا: تدويل النزاعات وتقييد السيادة
تتيح الاتفاقية إدخال ممولين أو رعاة لاحقًا، بما يغيّر ميزان القوة التعاقدية، ويحوّل أي خلاف مستقبلي إلى نزاع دولي متعدد الأطراف. وعندها لا يعود النزاع أردنيًا–أردنيًا، بل قضية استثمارية عابرة للحدود، تُناقش فيها حقوق الدولة بلغة التعويض لا بلغة المصلحة العامة.
خامسًا: مسؤولية مجلس النواب
في هذا السياق، يصبح دور مجلس النواب محوريًا؛ فالتصديق على اتفاقيات تتعلق بالثروات الطبيعية ليس إجراءً شكليًا، بل قرار سيادي طويل الأثر يمس حقوق الأجيال القادمة. إن تمرير الاتفاقية بصيغتها الحالية يعني عمليًا التنازل عن أدوات رقابية وتشريعية أساسية، وتحويل البرلمان إلى شاهد لا شريك في إدارة الموارد الوطنية.
مقترح تعديلات سيادية ومالية
أولًا: الشراكة والسيطرة الوطنية
• إلزام الشركة بقبول شريك وطني سيادي مملوك للدولة بنسبة لا تقل عن 51%، مع حق المشاركة في القرارات الاستراتيجية، بما ينقل الدولة من موقع المراقب إلى موقع الشريك الفعلي.
• إلزام شركة وادي عربة للمعادن بالتحول إلى شركة مساهمة عامة.
• الإفصاح الكامل عن “الراعي”، واشتراط الموافقة المسبقة على إدخال أي شريك جديد، ومنع إدخال أي شريك مجهول أو غير مُعلن.
ثانيًا: القانون الحاكم وتسوية النزاعات
• اعتماد المحاكم الأردنية مرجعًا قانونيًا أصيلًا للنزاعات، والالتزام بكافة القوانين الأردنية،حصر اللجوء إلى التحكيم بشروط سيادية صارمة وبعد استنفاد التقاضي الداخلي.
ثالثًا: حماية الحق التنظيمي للدولة
• إضافة نص صريح يحصّن حق الدولة والبرلمان في تعديل القوانين والأنظمة دون اعتبار ذلك إخلالًا تعاقديًا.
رابعًا: الإيرادات والإتاوات
• تحديد الاتاوة بنسبة لا تقل عن 10% من قيمة مبيعات النحاس، وتحديد نسب المعادن الثمينة وفق المعايير الدولية.
• ربط الأسعار بالبورصات العالمية (مثل بورصة لندن للمعادن) ، ومنع خصم الكلف الداخلية بين الشركات المرتبطة، وإخضاع الحسابات لتدقيق مزدوج (دولي وديوان المحاسبة).
خامسًا: خفض عتبة الربح في ضريبة الكسب غير المتوقع
• تعديل نقطة تفعيل ضريبة الـ50% لتصبح عند ربح صافٍ بنسبة 25% بدلًا من 40%.
سادسا: الابقاء على الرسوم الجمركية
• لا يجوز حرمان الدولة من عوائد الرسوم الجمركية
سابعا: المعادن المصاحبة
• إدراج المعادن المصاحبة صراحة ضمن العوائد، مع تحديد أسمائها، وتحديد أسعار لها بحسب قيمتها السوقية، وكمياتها المتوقعة
ثامنا: القيمة المضافة والمعالجة المحلية
• إلزام المعالجة أو التصنيع داخل المملكة، ومنع تصدير الخام إلا بقرار خاص من مجلس الوزراء.
تاسعًا: الجداول الزمنية
• فرض سقوف زمنية صارمة لبدء الإنتاج، مع إسقاط الامتياز تلقائيًا عند الإخلال.
عاشرا: الحماية البيئية
الالتزام الصارم بالشروط البيئية الدولية وشروط وزارة البيئة ومنح الدولة حق وقف العمليات دون تعويض في حال الاخلال بالشروط ، وتقديم كفالة لإعادة التأهيل البيئي. والنص صراحة على ممارسات بيئية فضلى وفق المعايير العالمية تلتزم بها الشركة وجميع الاطراف التابعة لها للحد ما أمكن من انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكبريت، وتلويث المياه الجوفية، والزام الشركة ومن يعمل بها بمعايير في تدوير المياه ما أمكن، ووضع حلول للنفايات التعدينية غير القابلة للاستخدام.
حادي عشر: التشغيل والمسؤولية الاجتماعية
تحديد نسب تشغيل محلية ملزمة، وخاصة للوظائف الفنية، ضمن جداول زمنية واضحة.
ثاني عشر: تقديم دراسة جدوى اقتصادية مكتملة وخطة تنفيذ وبرنامج عمل وخطة تطوير وإعادة تأهيل.
ثالث عشر: ضبط إدخال أي ممول أو جهة راعية، ومنع منحهم حقوق نزاع مستقلة.
رابع عشر: منع التجديد التلقائي للامتياز وربطه بقانون صادر عن مجلس الأمة.
خامس عشر: دعم الصناعة الوطنية والمجتمع المحلي، عبر تخصيص حصة للمصانع المحلية، وتخصيص 1% من إجمالي المبيعات لصندوق تنمية محافظات الجنوب.
سادس عشر: إلغاء المواد التي تنص على سرية الأطراف والبيانات وكل ما يتعلق بهذه الاتفاقية والواردة في الاتفاقية التنفيذية واتفاقية الرخصة، وضمان حق البرلمان والقضاء في الاطلاع والمساءلة.
سابع عشر: خفض المدة الزمنية لسريان الاتفاقية من ثلاثين سنة الى عشرين سنة قابلة للتجديد بموافقة الطرفين، مع اضافة بند يسمح للحكومة بمراجعتها كل خمس سنوات، بما يؤهلها لإلغائها في حال ثبوت التقصير او الغش والخداع أواي اسباب وجيهة اخرى.
الاحزاب الموقعة:
حزب العمال
الحزب الشيوعي
حزب الوحدة الشعبية
حزب الشعب الديمقراطي ( حشد)
وعدد من القوى الوطنية






