الجامعات والإعلام… شراكة في إبراز الإنجاز الوطني

12 ثانية ago
الجامعات والإعلام… شراكة في إبراز الإنجاز الوطني

أ.د. مصطفى عيروط

الإعلام المهني هو الذي ينقل الحقيقة بأمانة وصدق وموضوعية، ويعمل وفق معايير مهنية واضحة لا تُجامل ولا تُشوّه. ومن هذا المنطلق، فإن الحديث عن جامعاتنا الوطنيه يجب أن يكون حديثًا منصفًا؛ فهي مؤسسات وطنية حققت إنجازات ملموسة، وتواجه في الوقت ذاته تحديات طبيعية، ولا أعتقد بوجود أي إدارة جامعية لا تعمل بجد، فجميع الإدارات تسعى للنجاح وتحقيق الأفضل.
وقد أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في خبر رسمي، أن عدد الطلبة الوافدين الدارسين في الجامعات الأردنية من 114 دولة بلغ نحو 57 ألف طالب وطالبة، بعد أن كان يقارب 37 ألفًا في العام الجامعي 2020/2021. وهذا الرقم يُعد مؤشرًا واضحًا على نجاح منظومة التعليم العالي الأردنية في الاستقطاب، ويعكس ثقة متزايدة بالجامعات الأردنية، ويشجع طلبة آخرين من مختلف دول العالم على اختيار الأردن للدراسة.

ويعود هذا النجاح إلى مجموعة من العوامل، في مقدمتها الأمن والاستقرار، وطبيعة الحياة الاجتماعية الأسرية التي ترحب بالضيف، إضافة إلى الكلفة الدراسية والمعيشية الأقل مقارنة بدول أخرى، وتنوّع التخصصات والبرامج الأكاديمية، وتطور البنى التحتية والخدمات الجامعية، فضلًا عن نِسَب التشغيل المرتفعة في عدد من التخصصات، ما يعزز من جاذبية التعليم الجامعي في الأردن. ومن المؤكد أن هذا العدد من الطلبة الوافدين قابل للتضاعف إذا ما استمر التركيز على جودة التخصصات، وحُسن المعاملة داخل الجامعات وخارجها، وتطوير البيئة التعليمية والخدمية، وهنا يبرز الدور المحوري للإعلام الوطني المهني في إبراز هذا الإنجاز الوطني بدقة وموضوعية.

ومن يتابع تجارب إدارات جامعية ناجحة في العالم، يجد أن من أبرز أسباب نجاحها القدرة على الاعتماد على الذات، وحسن إدارة الموارد، والتفاعل الحقيقي مع المجتمع. وفي هذا السياق، تشير المعطيات المتداولة إلى نجاح إدارات جامعية وطنية في الأردن في تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل وتسجيل فوائض مالية دون الاعتماد على دعم حكومي مباشر، ومن هذه الجامعات الجامعة الأردنية، وجامعة البلقاء التطبيقية، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، والجامعة الهاشمية.

وتؤكد الأرقام الواردة في جدول «وفر وعجز الجامعات الرسمية» الذي وصلني هذه الصورة الإيجابية للإدارة الجامعية الرشيدة؛ إذ يظهر الجدول أن إجمالي الإيرادات الفعلية للجامعات الرسمية بلغ نحو 537.9 مليون دينار، مقابل نفقات فعلية تقارب 571.7 مليون دينار، مع دعم حكومي مباشر بحدود 22.3 مليون دينار فقط، وهو ما يعكس حجم الجهد الذي تبذله الجامعات في الاعتماد على ذاتها، وضبط نفقاتها، وتنويع مصادر دخلها.

ويُلاحظ بوضوح أن عددًا من الجامعات الكبرى حقق وفرًا ماليًا حقيقيًا ، وفي مقدمتها الجامعة الأردنية التي سجّلت أعلى وفر تجاوز 6 ملايين دينار، حيث تم إغلاق جميع ديونها، باستثناء دين مشروع الطاقة الشمسية، وهو دين دون فوائد، الأمر الذي يفسر الإبقاء عليه، وتبلغ قيمته نحو 3.7 مليون دينار لكل من المستشفى والجامعة معًا. كما جرى – حسب ما علمت – الاتفاق على توجيه الوفر الذي زاد على 6 ملايين دينار إلى صندوق نهاية الخدمة، في خطوة تعكس إدارة مالية مسؤولة وحريصة على حقوق العاملين.

كما حققت جامعة البلقاء التطبيقية وفرًا يُقدّر بحوالي مليوني دينار، بالتوازي مع تنفيذ مشاريع تطويرية في الكليات والمركز، والالتزام بصرف الرواتب دون تأخير، بل وفي وقت مبكر من نهاية كل شهر، إضافة إلى سرعة صرف مستحقات نهاية الخدمة والادخار،، وهو ما يعكس استقرارًا ونجاحا وإنجازا ماليًا وإداريًا ملموسًا.

وفي المقابل، تظهر بعض الجامعات عجزًا ماليًا بنِسَب متفاوتة، إلا أن هذا العجز يظل قابلًا للمعالجة ضمن سياسات إصلاحية وتطويرية، ولا يمكن فصله عن طبيعة الجامعات، وحجمها، ومواقعها، وعدد طلبتها، وتخصصاتها، وهو أمر تعانيه جامعات كثيرة في العالم، ولا يُعد مؤشر فشل بحد ذاته.

إن قراءة هذه الأرقام بموضوعية تؤكد أن الجامعات الأردنية ، مؤسسات وطنية فاعلة تُدار – في معظمها – بكفاءة ومسؤولية، وتعمل في ظروف اقتصادية صعبة، وتحقق في الوقت ذاته إنجازات أكاديمية ومالية تستحق التقدير. وهنا تتجلى مجددًا مسؤولية الإعلام الوطني المهني في نقل هذه الحقائق بصدق ودقة، وممارسة النقد البناء المسؤول والمهني بعيدًا عن التهويل أو التقليل، وبما يعزز الثقة بالتعليم العالي الأردني محليًا وإقليميًا، ويخدم المصلحة الوطنية العليا.
للحديث بقيه