مدينة عمرة الجديدة: مشروع دولة بوثائق رسمية لا بشائعات

40 ثانية ago
مدينة عمرة الجديدة: مشروع دولة بوثائق رسمية لا بشائعات

بقلم: هشام بن ثبيت العمرو

في لحظةٍ يكثر فيها اللغط وتختلط فيها الشائعات بالحقائق، تبرز مدينة عمرة الجديدة بوصفها مشروعًا وطنيًا مدروسًا، لا يقوم على الارتجال ولا على المجازفة، بل على رؤية اقتصادية واضحة صاغتها عقول أردنية خالصة داخل مؤسسات الدولة، وبإشراف مباشر من الحكومة، ووفق وثائق وقرارات رسمية منشورة لا تقبل التأويل أو الالتفاف.
مدينة عمرة ليست فكرة طارئة ولا ردّ فعلٍ آني، بل نتاج سنوات من الدراسات الاقتصادية والعمرانية التي أُنجزت ضمن إطار رؤية التحديث الاقتصادي، وبالتنسيق بين وزارات التخطيط، والمالية، والإدارة المحلية، وهيئات الاستثمار، حيث تم اختيار موقع المدينة بناءً على معايير واضحة تتعلق بالامتداد السكاني، والبنية التحتية المستقبلية، والربط اللوجستي، والقدرة على استيعاب استثمارات طويلة الأمد دون الضغط على المدن القائمة، وعلى رأسها عمّان والزرقاء.
وتشير الوثائق الحكومية المعلنة إلى أن مساحة مدينة عمرة المخطط لها تقارب نصف مليون دونم، تبدأ مرحلتها الأولى بنحو أربعين ألف دونم، وقد خُصصت هذه الأراضي بقرارات رسمية باعتبارها أراضي خزينة دولة مسجلة أصوليًا باسم وزارة المالية/دائرة الأراضي والمساحة، وهو ما يفنّد بشكل قاطع لا لبس فيه كل ما يُشاع عن كون هذه الأراضي مملوكة لأشخاص أو لمتنفذين أو جرى شراؤها من أفراد. فالسجلات العقارية الرسمية، وقرارات مجلس الوزراء المنشورة، تؤكد أن كامل رقعة المشروع قائمة على أراضٍ حكومية غير مباعة، ولم تُحوَّل ملكيتها لأي جهة خاصة، وأن أي استثمار مستقبلي سيتم بصيغة حق الانتفاع أو الشراكة، لا بصيغة البيع أو التمليك، وهو فارق جوهري تتجاهله الشائعات عمدًا.
أما على الصعيد الاقتصادي، فتُعد مدينة عمرة أحد أكبر المشاريع التنموية التي تراهن عليها الدولة لتحفيز النمو وخلق فرص العمل، إذ تُقدّر الدراسات الرسمية أن المشروع سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة خلال مراحل الإنشاء، إلى جانب عشرات الآلاف من الوظائف الدائمة بعد اكتمال المراحل التشغيلية، في قطاعات الصناعة الخفيفة، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا، والتعليم، والسياحة، والتجارة، وهو ما ينعكس مباشرة على تخفيض نسب البطالة وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، لا سيما في المحافظات المحيطة.
ولا يقل البعد المالي للمشروع أهمية، إذ تؤكد الحكومة أن مدينة عمرة لن تُشكّل عبئًا على الخزينة، بل ستُدار وفق نموذج استثماري ذكي يعتمد على جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، دون تحميل الدولة ديونًا جديدة، ودون التفريط بأصولها، وهو ما يعكس تحولًا نوعيًا في التفكير الاقتصادي الرسمي، يقوم على استثمار الأرض بدل بيعها، وعلى تعظيم قيمتها المضافة بدل استنزافها.
كما أن التخطيط الحضري للمدينة، الذي جرى قبل أي بناء أو توسع عشوائي، يضعها في مصاف المدن الحديثة المصممة مسبقًا، حيث تتكامل المناطق السكنية مع الاقتصادية، وتُخصص مساحات واسعة للمناطق الخضراء، والمرافق العامة، والنقل الذكي، والطاقة المتجددة، بما يضمن جودة حياة عالية ويخفف الضغط العمراني والمروري عن المدن المكتظة.
إن الإصرار على نفي حقيقة الملكية الحكومية للأراضي لا يخدم الحقيقة ولا النقاش العام، فالدولة الأردنية، حين أعلنت مشروع مدينة عمرة، لم تفعل ذلك في الظل، بل استندت إلى وثائق رسمية، وتصريحات وزارية، وقرارات حكومية منشورة، وكلها تؤكد أن المشروع مملوك للدولة، مُدار من الدولة، ومفتوح للاستثمار وفق قواعد شفافة، لا وفق صفقات غامضة أو مصالح ضيقة.
وعليه، فإن مدينة عمرة الجديدة ليست مجرد مدينة قيد الإنشاء، بل تعبير صريح عن ثقة الدولة بنفسها، وبقدرة العقل الاقتصادي الأردني على التخطيط للمستقبل، وبأن التنمية الحقيقية لا تُبنى بالشائعات، بل بالأرقام، ولا تُدار بالهمس، بل بالوثائق، ولا تُنجز ببيع الأرض، بل بحسن استثمارها.