د. عادل يعقوب الشمايله
رأيتُ انه من الانسب ان اوزع الزكاة السنوية والصدقات من خلال احد المراكز الاسلامية في عمان. فقد صدقت خطاباتهم على المنابر وظننت أنَّ سلوكهم سيترجم اقوالهم. وقد اخترت اقرب المراكز لسكني. وداومت على التعامل معه عدة سنوات.
ولأن النبي عليه الصلاة والسلام امر المسلم ان يتحرى لصدقاته، كنت أُصرُّ على ان يزودني المركز الاسلامي الذي اتعامل معه بقائمةٍ بأسماءَ وعناوين، لاقوم بدفع المبلغ لكل مستفيدٍ بنفسي على أن يرافقني مندوب المركز الاسلامي الى حيث يسكنون حتى اطلع على ظروفهم المعيشية وأتأكد ان المستفيد لا يتلقى معونة ثابتة مستدامة من صندوق المعونة الوطني او صندوق الزكاة.
وكنتُ الاحظُ ببهجةٍ اثناء ترددي على المركز محسنين يأتون بقدور الطعام وآخرين بكراتين المعلبات والملابس الجديدة واخرين ملابس مستعمله لكن لا زالت صالحة، واكياس السكر والارز وآخرين يعرضون تمويل دراسة طلبةٍ فقراء يدرسون في الجامعات، وآخرين مستعدون لتغطية كلفة علاج او عمليات جراحية للمحتاجين. غاية الكرم والتسابق للخير والتكافل الاجتماعي مدفوعين بصادق ايمانهم، مبتغين رضوان الله والحصول على الجائزة الكبرى وهي الجنة.
ولكن الواقع اظهر أن هؤلاء الاخيار في واد وتجار الاسلام السياسي الذين يتصرفون بالتبرعات في واد آخر. الاسلام بالنسبة لهم تجارة وتربح وتكسب، وسُلَّمٌ يتسلقونه للوصول الى مراكز السلطة التي يعشقون والتي تمثل لهم الجائزة الكبرى وليس الجنة كما هو حال المتبرعين.
بعد سنوات توقفت عن التعامل مع المركز الاسلامي بعد ان تبين لي ان المراكز الاسلامية ليست مجرد وسيط برئ يقدم خدمة التعريف والتأشير على بقع الفقرِ والحاجةِ كما كنت اظن، بل انها متاجرَ تستقبلُ التبرعات وتمنح المتبرعين مقابلها شهاداتٍ بغفران ذنوبهم، وقصوراً في الجنةِ تعجُ بالحور العين. ثبت لي ذلك بعد أن قمت بزيارة عدد من الاسر واستفسرت منهم لأتأكد انَّ الظن الذي تولد لدي كان صائباً ولا ينطبق عليه وصف “إن بعض الظن اثم”،
فالتبرعات يتم توجيهها وتوظيفها لمصلحة جماعة الاخوان واهدافهم السياسية الى جانب ما يتوزعونه بينهم تحت بند والعاملين عليها. وقد كنت اندهش عندما ارى مدى العلاقة بين المستفيدين ومندوب المركز.
فقوائم المتلقين للمعونات المالية والعينية التي يتبرع بها المغفلون الاردنيون وغير الاردنيين ( وانا كنت احد المغفلين) هي فعليا قوائم المصوتين لمرشحي الاخوان في الانتخابات النيابية والبلدية. هذا النهج ليس مقتصراً على الاردن بل ان جميع الدول العربية والاسلامية مبتلاة به.
هذا يعني ان الزكوات والصدقات تتحول الى ما يطلق عليه في اوقات الانتخابات “المال الاسود”.
ففي كل انتخابات تثار الاتهامات واحيانا الملاحقات القانونية لبعض النواب الاثرياء وبعض الاحزاب التي لديها موارد بانها تستغل فقر الناس وحاجتهم لضمان الحصول على اصواتهم.
ما تمارسه المراكز الاسلامية وهي ذراع من اذرع جماعة الاخوان هو السبب الرئيس وراء فوز مرشحي الاخوان باعداد مبالغ فيها تتجاوز ما يمثلونه حقيقة في المجتمع الاردني مما يؤدي الى خداع المتابعين المحليين والاجانب وتسويق نتائج الانتخابات عالمياً على انها تعكس شعبية الاخوان. وهذا غير صحيح. اصحي يا قريه.






