بشار ولونا: حين تخرج المحرّمات إلى العلن… الجنس والمال والسلطة في مشهد اباحي واحد

18 ثانية ago
بشار ولونا: حين تخرج المحرّمات إلى العلن… الجنس والمال والسلطة في مشهد اباحي واحد

نبيل العتوم

في الفيديو المسرب بين بشار الأسد ولونا الشبل، لا يلفت النظر مجرد الكلمات ،ولا الضحكات ،ولا السخرية الرخيصة، بل ذاك التفصيل الخطر الذي مرّ كأنه مشهد عابر: سقوط «التكليف» بين رئيس دولة ومستشارته ، في اللحظة التي يختفي فيها الحاجز بين السلطة ومن يفترض أنهم موظفون لخدمتها، تنكشف طبيعة النظام كله. لا يعود الأمر رئيساً ومستشارة ؛ بل رجلٌ يملك كل شيء، وامرأةٌ ترى بغرورها وجسدها فوق كل شيء، ويتحول الوطن إلى خلفية باهتة لمسرحية شخصية، حيث تُصنع القرارات في غرف النوم الحمراء ، وتحت أنفاس الاسترخاء الطويل ، لا تحت ضغط المسؤولية.

هذا المشهد يقدّم درساً موجزاً في تحالف «الثلاثي القذر»: السلطة، والمال، والجنس. ليس لأن الحوار احتوى إيحاءات مباشرة، بل لأن نبرة الحديث نفسها تكشف ذلك التحالف ؛ حين يضحك رئيس على جنوده، ثم تردّ مستشارته وبدون تكليف مع بشار بشكوى عن «القرف» من رؤية صوره في الشوارع، فنحن أمام علاقة لا تحكمها قواعد دولة، بل قواعد غرور واستهتار . لا يوجد مسؤول يهاب موقعه أو يستشعر هيبته. كل ما هنالك اثنان يظنان أن البلد غرفة نوم صغيرة وسرير وردي من أملاكهما الخاصة. والمصيبة أن التاريخ يكرر هذا النموذج كلما امتلك شخص سلطة بلا محاسبة، أو مالاً بلا مسؤولية، أو جسداً أو أجساد بلا حدود.

السلطة عندما تتمدّد بلا ضابط تصبح مثل الغريزة حين لا يردعها عقل: تبدأ بالتظاهر بأنها حقّ، ثم تتحول إلى عادة، ثم تنتهي إلى قناعة بأن البشر مجرد أدوات، وأن الشعوب مجرد أصوات وصور قبيحة في الخلفية أو حتى كمبرس ردييء الأداء ، والمال بدوره يصبح مجرد وقود لحماية تلك السلطة، تماماً كما تتحول العلاقات الشخصية داخل الدائرة الضيقة إلى وسيلة للنفوذ، لا إلى وظيفة ولا مهنية ولا احترام. هنا تتداخل الشهوات الثلاث بلا أن يشعر أصحابها بأنهم تجاوزوا الخط، لأن الخط أصلاً لم يعد موجوداً.

في تلك اللقطات المسربة، بدا واضحاً أن المستشارة ليست مجرد موظفة، وأن الرئيس لا يتصرف ولا يرق الى مستوى رئيس. كانا يضحكان مثل شريكين في مشروع مشبوه خاص، لا كمسؤولين عن بلد ينهار، وعن شعب يُقصف وينكل به وعن جنود يموتون. هذه ليست «مهزلة» فقط كما وصفها الناس، بل دليل حيّ على أن الأنظمة حين تدخل مرحلة التحلل، تتعرّى على هذا النحو: من داخل السيارة، وغرف النوم ، و بين الضحكات، في لحظات تبدو تافهة لكنها تكشف ما كان مخفياً لسنوات. فالمصيبة ليست في كلمات قالتها لونا الشبل، بل في موقعها وهي تقولها؛ وليست في نبرة الأسد، بل في المنصب الذي يسمح له أن يسخر من ضباطه وكأنهم كومبارس من الدرجة العاشرة في حياته الشخصية.

والمؤلم أن هذه العلاقة، التي كانت السبب غير المعلن لسطوة الشبل داخل القصر، هي نفسها التي انتهت بموته السياسي وبموتها الجسدي وسط شكوك لا تنتهي. كأن السلطة حين تتحالف مع الجنس ثم مع المال، تلتهم أصحابها قبل أن تلتهم شعوبهم. كأنها لعنة تصيب كل من يظن أنه فوق البشر، وفوق المؤسسات، وفوق الأخلاق، وفوق التاريخ وفوق الجغرافيا .

ذلك الفيديو ليس فضيحة شخصية؛ بل وثيقة سياسية. يخبرنا أن الأنظمة لا تسقط يوم سقوطها في الأخبار، بل يوم تسقط الهيبة داخل غرف نوم قصورها ، ويوم يتحول الرئيس إلى مجرد رجل يبحث عن الإعجاب والشهوة وتضاريس الجسد ومقومات التمييز والجمال ، والمستشارة إلى امرأة تبحث عن نفوذ ومال ، والوطن إلى ديكور يتحمل الضحك والسخرية. وعندما يصل بلد إلى هذه المرحلة، تبدأ نهايته قبل أن يعلنها أحد.

والمثير للسخرية أن من يسقطون في هذا المستنقع يظنون دائماً أنهم امتلكوا الثلاثي: السلطة والمال والجنس. لكن الحقيقة أنهم لا يمتلكون شيئاً. فالسلطة بدون مسؤولية مجرد مرض، والمال بلا شرعية مجرد غنيمة، والجنس حين يصبح وسيلة للصعود يفقد حتى قيمته الحيوانية. وحدها الدول تدفع الثمن، والشعوب تلعق جراحها، بينما يبقى الفيديو المسرب شاهداً صامتاً بسيطا على لحظة سقط فيها التكليف، وسقط معها ما تبقى من صورة نظام عاش أكثر مما يستحق.