خبراء الفرشات !!!؟؟

8 ثواني ago
خبراء الفرشات !!!؟؟

م مدحت الخطيب

بعد الحدث الأمني الذي شهدته مدينة الرمثا، لم ينتظر بعضهم دقيقة واحدة قبل أن يقفزوا إلى منصّات التواصل مثلما يقفز البهلوان إلى المسرح، لكن دون مهارة ودون معرفة. فجأة تحوّلوا إلى “خبراء أمن”، و“محللين سياسيين”، و“أصحاب فهمٍ عميق للمعطيات الميدانية”، بينما لا يميّز معظمهم بين الإجراءات الأمنية وبين صرير باب بيته.

المشهد لم يكن بحاجة لكل هذه المهزلة. فالأجهزة الأمنية كانت تعمل، والناس كانت تترقّب، والدولة أعلنت روايتها وبدأت تتعامل مع الحدث بعقل بارد وبمنطق مؤسسي. لكن خبراء الفرشات لا يحتملون الفراغ الإعلامي؛ يجب أن يقولوا شيئاً حتى ولو كان ذلك الشيء خليطاً من التهويل والسذاجة وتضارب المعلومات.

يتحدّثون بثقة منقطعة النظير:
هذا يضع سيناريوهات كأنه جنرال مطلع على غرف العمليات.
وذاك يوزّع وطنيات رخيصة، يتهم هذا ويتبرّأ من ذاك.
وآخر يتحدث عن “الرسائل السياسية” و“العمق الاجتماعي” و“الظرف الإقليمي”، في حين أن خبرته الوحيدة تكمن في فكّ شيفرة العروض والتنزيلات على أطقم الفرشات.

مثل هذه الأصوات تشوّش على الناس أكثر مما توضّح، وتخلق ضبابية بدل الفهم. فالأحداث الأمنية ليست ساحة يُترك تفسيرها لمن لا يُحسن حتى قراءة بيان رسمي. لكل حدث معطياته، ولكل قرار أسبابه، والأمن لا يعمل بردّات الفعل ولا بشهوة العناوين المثيرة، بل يعمل بمعرفة، وحساب، وتقدير مخاطر.

ما جرى في الرمثا ليس مادة لتسجيل النقاط ولا منصة لبطولات وهمية. إنه حدث أمني تعاملت معه الدولة بحزم ومسؤولية، وانتهى كما يجب أن ينتهي: ضبط، تحقيق، محاسبة، ورسالة واضحة بأن القانون فوق الجميع.

في أوقات الاضطراب تُعرف قيمة الصوت العاقل. وفي أوقات الضجيج يطفو على السطح من يتصدر بلا علم.
أما الحقيقة فهي أن الأمن ليس “تحليلاً على الفيسبوك”، ولا “رأي خبير فرشات”، بل منظومة تحمي الناس، وتفهم بيئتها، وتعمل بصمت لأنها لا تبحث عن إعجابات، بل عن استقرار وطن.

والأردن، عبر تاريخه، تجاوز أحداثاً أكبر وأخطر لأن صلابته ليست صناعة فرشات، بل صناعة رجال دولة ومؤسسات تعرف ما تفعل وتتحرك بوعي لا يراه من يجلسون خلف الشاشات.

الحدث سينتهي، وستبقى الدولة
أما الخبراء الموسميون فبريقهم عمره دقائق… ثم يعودون إلى صمتهم الأول، ينتظرون حدثاً جديداً ليعيدوا إنتاج الجهل نفسه.، وسيبقى الأردن عظيما وطنا طيبا مباركا بأهله وأرضه… ووجها عربيا صادقا…. وعنوانا لكل خير… وكل يوم من أيامه بداية لمستقبل نصنعه بإيمان وعزيمة وثبات