وطنا اليوم:وصلت سحابة من الرماد البركاني إلى عدد من المناطق في غرب ووسط اليمن، الأحد، عقب ثوران بركان في سلسلة إرتا ألي في إقليم عفار الإثيوبي، ما تسبب بتساقط غبار داكن شبيه بالرماد على مناطق واسعة، وفق ما أفاد به سكان محليون ومراكز رصد جوية.
وقال شهود عيان في مديريات عدة بمحافظة الحديدة إن أتربة سوداء خفيفة إلى متوسطة الكثافة هطلت منذ عصر الأحد، بينما ذكر سكان في تعز ومناطق أخرى أنهم لاحظوا موجة غبار داكنة رافقها تغيّر واضح في لون السماء.
وأشار مركز الإنذار المبكر إلى أن الغطاء الدخاني الناتج عن الانفجار البركاني بدأ بالتحرك عبر البحر الأحمر باتجاه اليمن، موضحًا أن أجزاء من الساحل الشرقي، بما فيها ساحل حضرموت، تأثرت بمرور غازات غير مرئية في طبقات الجو العليا.
من جانبها، أوضحت الهيئة الجيولوجية أن النشاط البركاني في إثيوبيا قد يسبب تغيرات بيئية مؤقتة في بعض المناطق اليمنية، محذّرة من احتمال استمرار تأثيرات السحابة خلال الساعات المقبلة.
ونصحت السلطات والخبراء السكان في المناطق المتأثرة باتخاذ الاحتياطات الصحية، وخاصة كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي، وتجنب التعرض المباشر للغبار البركاني حتى انحسار السحابة.
وثار بركان هايلي غوبي، البركان الإثيوبي الخامل منذ فترة طويلة والموجود في سلسلة إرتا ألي، لأول مرة منذ 10,000 عام، مطلقًا أعمدة ضخمة من الرماد امتدت عبر البحر الأحمر نحو سلطنة عمان واليمن. ويصف العلماء هذا الثوران بأنه أحد أكثر اليقظات البركانية استثنائية في التاريخ المسجل للمنطقة.
وأصدرت هيئة البيئة العُمانية تحذيرًا بشأن انبعاثات الغاز والرماد من بركان هايلي غوبي، مشيرةً إلى تأثيرها المحتمل على جودة الهواء في السلطنة. وأكدت الهيئة أن محطات الرصد لم ترصد حتى الآن أي ارتفاع في مستويات الملوثات.
وأشار شهود عيان إلى أن الثوران، الذي وقع حوالي الساعة العاشرة صباح أمس الأحد بالتوقيت المحلي، كان قويًا بشكل غير معتاد من حيث الحجم والشدة، ووصفوه بأنه أحد أقوى الثورات البركانية التي شهدوها في السنوات الأخيرة. وأدى الانفجار إلى تشكل عمود هائل من الرماد، اجتاح المناطق المجاورة، مما أثار قلق السكان المحليين بشأن الأضرار الصحية والبيئية المحتملة.
وأوضح البروفيسور أتالاي أيلي، رئيس قسم الزلازل في معهد الفيزياء الأرضية وعلوم الفضاء والفلك بجامعة أديس أبابا، أن الثوران نجم عن حركة الحمم النشطة. وقال: “وقع الثوران على بعد حوالي 10 كيلومترات جنوب إرتا ألي”، مؤكدًا أنه تم إرسال فريق من الباحثين لدراسة الوضع المستجد.
ويعد منخفض داناكيل، الذي يقع ضمن وادي الصدع العظيم في شرق إفريقيا، منطقة معروفة بنشاطها البركاني. وأضاف البروفيسور أتالاي أن الثورات في هذه المنطقة عادة ما تحدث نتيجة تآكل وتحرك الصخور النشطة، التي يمكن أن تشكل تدفقات للحمم بشكل دوري. وقد تؤدي هذه التدفقات إلى ثورات متفاوتة الشدة، مع احتمال قذف الصخور والركام في الهواء وإنتاج كميات كثيفة من الدخان والرماد. وحث السكان المحليين على توخي الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة للسلامة.
وأظهرت الأقمار الصناعية ليس فقط أعمدة ضخمة من الرماد، بل أيضًا إطلاقًا كبيرًا لثاني أكسيد الكبريت (SO₂)، وهو مؤشر شائع للنشاط البركاني الكبير. وبما أن المنطقة نائية وغالبًا غير مأهولة، تظل البيانات الفضائية المصدر الرئيسي للمعلومات للعلماء الذين يراقبون الثوران.
ويقع جبل إرتا ألي في قلب منخفض داناكيل، ويُعرف عالميًا كأحد أكثر البراكين نشاطًا باستمرار، حيث شهد عدة ثورات على مدار العقود الماضية، مع وجود بحيرات حمم وتدفقات مستمرة.
ويواصل المسؤولون مراقبة البركان عن كثب، بالتنسيق مع الخبراء الجيوفيزيائيين لتقييم المخاطر المستمرة وتقديم الإرشادات للمجتمعات المتأثرة. ويعد هذا الثوران تذكيرًا واضحًا بتقلبات المنطقة الجيولوجية في وادي الصدع الإفريقي، الذي يبقى أحد أكثر المناطق نشاطًا من الناحية التكتونية والبركانية في القارة.
سحابة سامة فوق اليمن.. رماد بركان إثيوبيا يعبر البحر الأحمر ويضرب الحديدة وتعز






