طريق الخطأ القاتل لا يدوم من يقرأ التاريخ فيأخذ العبره

48 ثانية ago
طريق الخطأ القاتل لا يدوم من يقرأ التاريخ فيأخذ العبره

أ.د. مصطفى عيروط

بأن من يبيع نفسه لأعدائه يلقى مصير النبذ والعار فعبر التاريخ، لم يُعرف عن جاسوس خان أمته وتاريخها أنه عاش بكرامة أو مات مرفوع الرأس. فالجاسوس في أي مكان عالميا لا يخون وطنه وأمته وتاريخها فقط، بل يخون نفسه وأهله وتاريخه، ليصبح أداة مؤقتة في يد الغير ، فيستخدم حينًا ثم يرمى عندما تنتهي مهمته.

فتتكرر القصص في التاريخ ، لكن النهاية واحدة: الخيانة لا تدوم، والجاسوس لا يُخلّد إلا بالعار.

فمن يهودا الإسخريوطي الذي خان سيده فانتحر ندمًا، إلى بنديت أرنولد الذي سلّم موقعًا عسكريًا لعدو بلاده فمات منبوذًا، وإيلي كوهين الذي استخدموه ثم تركوه لمشنقة دمشق، وكيم فيلبي الذي عاش غريبًا في بلد آخر حتى مات مكتئبًا — جميعهم خسروا كل شيء حين فقدوا الانتماء.

وفي زماننا، يتكرر مشهد مؤسف تتناقله وسائل اعلام وقنوات التواصل الاجتماعي حين يقف شخصا منبوذا كذابا ويصرح بامور يرفضها الجميع فكانت صدمةً لأهله وفي وطنه، فوقف أهله وغيرهم كثر والجميع ضده باصاله وطنيه وشهامه وكبرياء فورًا . ولم يجد سوى الخزي والنبذ، لأن من يقوم بهذه التصرفات لا وطن له ولا كرامة ولا أهل ولا عزوة .

فالوطن لم و لا ولن ينسى أبناءه المخلصين الذين قدموا الغالي والنفيس ومن يظن أن الغير سيصنعون له مجدًا، فإنما يُستخدم ليخدم خططهم الجهنمية ثم ينتهي دوره إلى مزبلة التاريخ فيُلقى في الظل أو يُغتال بحادثٍ أو سمٍّ وبصمتٍ متعمّد.

أما الأوطان، فتبقى قويةً بمن فيها من جميع أبناء الوطن كاسرة واحده موحده قويه متحده الذين يختارون الصدق على الزيف، والوفاء على الخداع، والولاء والانتماء المطلق .
فالخيانة خطأ قاتل كما في كل العالم طريق قصير مظلم، أما الوفاء والانتماء فهما النور الراسخ المتوقد الذي لم ولا ولن ينطفئ أبدًا.

ولهذا في رأيي فإن مسؤولية المجتمع والإعلام والمثقفين أن يبقوا في حالة وعي وطني دائم، لكشف كل فكرٍ دخيلٍ أو سلوكٍ يخدم الطامعين عن قصدٍ أو جهل.
فالكلمة أمانة، والموقف مبدأ، والانتماء الحقيقي يُقاس بالفعل لا بالشعارات.
إن الأوطان تُحمى بالوعي والولاء، لا بالسكوت أو التبرير، لأن من يسكت عن الخطأ القاتل ، يشارك فيه بصمته.
ويبقى درع الوطن هم كل أبناء الوطن المخلصين الذين يرون في كل عميل مغتصب عبرة، وفي كل جاسوسٍ نهاية، وفي كل موقفٍ شريفٍ حياةً لوطنٍ يبقى قويا وكل من يقترب منه سوءا ينتهي إلى الأبد ومن يقرأ التاريخ جيدا يتعلم ويأخذ العبر والدروس.