السيوف يكتب:جيلُ الحاضر… وعهدُ المستقبل: ردّ الشباب على خطاب العرش

46 ثانية ago
السيوف يكتب:جيلُ الحاضر… وعهدُ المستقبل: ردّ الشباب على خطاب العرش

بقلم ابراهيم السيوف

يا مولاي،
حين نُصغي لخطابكم السامي، لا نسمع فقط كلماتٍ تُلقى من على منبر العرش، بل نسمع نداءً عميقًا في وجداننا، نداءَ المسؤولية والوعي والانتماء.
خطابكم لم يكن تقليدًا سنويًا في افتتاح دورةٍ برلمانية، بل كان لحظة مراجعةٍ وطنية، تُذكّرنا من نحن، وإلى أين نمضي، وماذا علينا أن نفعل إن أردنا لهذا الوطن أن يبقى كما أردتموه: قويًا، حرًّا، وعزيزًا.

لقد قلتم، يا جلالة الملك: “نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله. ولا يهاب شيئًا وفي ظهره أردني.”
ونحن، جيل الشباب، نقولها بثقة: نعم، يقلق الأردني، لكنه لا ييأس.
نقلق لأننا نحمل في صدورنا طموحاتٍ بحجم هذا الوطن، نبحث عن فرصٍ تليق بعزيمتنا، ونحلم أن نكون شركاء لا متفرجين في مسيرة البناء.
نحن جيلٌ أدرك أن القلق ليس ضعفًا، بل وعي، وأن الخوف الوحيد المقبول هو على مستقبل وطنٍ أحببناه حتى العظم.

كلماتكم عن الإصلاح لم تمر علينا مرورًا عابرًا. نحن نعلم أن التحديث السياسي والاقتصادي ليس مشروع حكومةٍ أو دورةٍ واحدة، بل مسار دولةٍ وأمة.
ندرك أن الرؤية الملكية ليست شعارات، بل خريطة طريق تتطلب عقلًا شابًا، وإرادةً مؤمنة، وسواعدَ تعمل أكثر مما تتكلم.
إنكم، يا مولاي، تدعوننا لأن نكون جيل الفعل لا الانتظار، جيلًا يعي أن الإصلاح لا يُمنح، بل يُنتزع بالوعي، بالحوار، وبالعمل الصادق داخل الجامعات، في المؤسسات، وفي الشوارع التي تحمل وجوه المستقبل.

ونحن نعي أيضًا، كما قلتم، أن الأردن “لا يملك رفاهية الوقت”.
فكل دقيقةٍ من التردد هي تأخيرٌ في مشروع النهضة الذي بدأتموه، وكل لحظة شكٍّ في قدراتنا هي خصمٌ من رصيد الحلم الأردني.
ولهذا، فإننا نؤمن أن على الشباب أن يكونوا رأس الحربة في تحديث التعليم، وقيادة التحول الاقتصادي، والمشاركة السياسية الواعية التي ترتقي بالوطن لا بالحسابات الفردية.

أما حين تحدثتم عن جيشنا العربي المصطفوي، وعن “رجال مصنع الحسين”، أحسسنا أنكم تضعون أمامنا قدوةً لا تُقدّر بثمن.
جيشٌ وُلد من رحم العروبة، يحمل في عقيدته الشرف والانتماء، ويثبت كل يوم أن الوطن لا يُحمى بالشعارات بل بالفعل.
ونحن – شباب الأردن – نستلهم من جيشنا روح الانضباط، ونعاهدكم أن نحمل الفكر كما يحملون السلاح، وأن نكون كما هم: أوفياء للراية، حراسًا للهوية.

أما عن فلسطين وغزة والقدس، فحديثكم عنها لم يكن جديدًا على الهاشميين، لكنه دائمًا جديدٌ في نبضه.
حين قلتم: “سنقف إلى جانبهم بكل إمكانياتنا، وقفة الأخ مع أخيه.”
أيقنّا أن الأردن لا يغيّر بوصلته، وأن ثوابته لا تُساوم.
نحن، جيل الشباب، نكبر بهذا الموقف، لأنه يجعلنا نفهم أن الوطنية ليست انغلاقًا داخل الحدود، بل التزامًا بالحق، ودفاعًا عن الكرامة حيثما وُجدت.

يا مولاي،
نحن جيلٌ لا ينتظر أن يُقال له ماذا يفعل، بل جيلٌ يريد أن يُمنح المساحة ليصنع.
نريد أن نكون امتدادًا للرؤية الهاشمية في البناء، وأن نكتب فصلنا الخاص في تاريخ الأردن الحديث.
نعرف أن التحديات كبيرة، لكننا نؤمن أن الكرامة التي تحدّثتم عنها، والتي ورثناها عن الحسين الكبير، لا تُقاس بالحجم، بل بالموقف.

فها نحن نردّ عليكم اليوم لا بعبارات المجاملة، بل بعهدٍ صادق:
أن نكون جيل الفعل، لا جيل الانتظار؛ جيل الحوار، لا الصخب؛ جيل الإيمان، لا التردد.
نعاهدكم أن يكون الأردن في وعينا أولًا، وفي عملنا دومًا، وأن نظلّ كما أردتمونا: أردنيين لا نهاب شيئًا، ما دمنا في ظهر قائدٍ لا يخاف إلا الله.

سيبقى الأردن، كما قلتم، قويًا بشعبه ومؤسساته، وسيبقى الشباب هم نبضه المتجدد، وسياجه القادم.
فنحن جيل الحاضر، وعهد المستقبل، الذين نقولها بثبات:
نعم يا مولاي… نحن في ظهرك، كما كنت دومًا في مقدمتنا.