أقول قولي هذا..واستغفر الله لي ولكم

43 ثانية ago
أقول قولي هذا..واستغفر الله لي ولكم

د: ابراهيم النقرش

ها نحن بعد عامين من نزيف غزة، نرفع الصوت لا لنلوم من تلومون، بل لنشهد على زمنكم، زمنٍ الانكسار صنيعكم، الذي انكشفت فيه الأقنعة وسقطت فيه الهيبة والكرامة العربية والإسلامية، أمام صرخة طفلٍ يتضور جوعًا أو شيخٍ يبحث عن شربة ماء، أو نياح امرأةٍ تفجع بطفلها بيدها، أو كلبٍ ينهش جثة كهل غزاوي. عامان من العجز والخذلان، والعمالة تُبرَّر ببياناتٍ سياسيةٍ سمجة، والعار والذل يُغلف بعبارات “السيادة والسياسية”. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فكلنا شركاء في الصمت والخذلان. امتهان وخنوع ومتاجرة، ثم اتفاق يفرض على غزة الإعدام ويمنح القاتل صكّ الغفران، ويُستدعون للتوقيع أتباعٌ.. أية هزيمةٍ هذه لمن يملك القوة ولا يملك الكلمة ولا الإرادة؟ ملايين الجنود وآلاف الطائرات والدبابات ومليارات الدولارات من السلاح المخزَّن، بينما الأمة تُذبح أمام أعينهم.. لكنهم لم يحضروا حتى “هوشة قناوي أو محاجرة” واحدة مع العدو. فالسلاح ل يوجَّه لا صدر المحتل. إعلام تحوّل إلى ناطقٍ باسم الخذلان، يجمّل العار ويبرر الصمت والخذلان، ويغطي على صوت غزة تحت عناوين “العقلانية” و”الصبر الاستراتيجي”. عامان من القتل والجوع والعطش، وغزة تصرخ وحيدةً في وجه الظلم والعدوان، والعرب والمسلمون غارقون في غيهم. رجولةٌ فقدت، وحميّةٌ ماتت. ترليونات الدولارات تُنفق على صفقاتٍ مع الغرب وعلى مظاهر الترف، بينما غزة لا تجد كِسرة خبز. لمن تُشترى الطائرات؟ ولمن تُجهّز الجيوش إن لم تتحرك لإنقاذ شعبٍ يُباد؟ أعلم أنها بحكم العدم “بكبسة زر”… وفي المقابل خرجت شعوب الغرب وبعض حكامها تهتف لغزة وتناصرها، بينما العرب في مأزقٍ سادر؛ فكانت الكرامة هناك والعار هنا في بلاد العرب والمسلمين. ألم يأنِ للمسلمين أن يستغفروا الله من خطيئتهم ومن خيبتهم؟ من تعطيلهم فريضة النصرة والعدل؟ ألم يخشوا سؤال الله يوم القيامة: أين كنتم حين كان الأطفال يُقتلون والنساء يدفِنَّ أبناءهن بأيديهن؟ استغفروا الله من دماء الشهداء ومن خذلان الأمة وصراخ اليتامى والثكالى وضياع التاريخ، فالصمت عار وجريمة لا يغسلها الكلام. سيأتي يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا سلطة، ولن تشفع الألقاب ولا التحالفات. يومٌ يقف الجميع بين يدي الله، يسأله الطفل الشهيد: “أين كنت حين جعت وعطشت وقُتلت؟”. لكِ الله يا غزة، لقد سقطت الأقنعة وبقي وجهك الطاهر وحده مشعًّا بالحق، معذورة ومنصورة مهما كان، مجبورة الكسر إن شاء الله. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكل حرٍ مكلوم مقهور. فلعلّ الاستغفار يكون بداية صحوةٍ لأمة نامت على صوت القصف واستيقظت على رائحة الخزي والعار.